من قال إن سوريا بلا ديون؟ خبير اقتصادي يكشف حقائق صادمة

لطالما هرعت الحكومة السورية في كل مرة، لمعالجة التراجع الحاد في الإيرادات المتزامن مع ارتفاع حجم الإنفاق الحكومي، إلى الخيار الأسهل والأسرع المتمثل فيما يسمى "التمويل بالعجز" وذلك عبر الاستدانة من المصرف المركزي.

وبحسب ما يذكر الخبراء فإن الحكومة "لجأت منذ عام 2012 إلى الاقتراض من المركزي لتغطية إنفاقها، ومن ضمنه تمويل بند الرواتب، من دون أن تدرك عواقب ذلك".

وهنا تبرز إشكاليتين في هذا الملف، الأولى تتعلق بواقع سعر صرف الليرة عند عملية الاقتراض وعند عملية السداد، وهذا ما يجعل المبلغ المسدّد ليس حقيقياً، والثانية تتصل بعملية الإقراض نفسها التي تتمّ من دون أيّ مسؤولية في السداد أو إمكانية التغطية.

وهكذا فدائمًا ما يؤدي هذا الحل السريع الذي اتبعته الحكومة إلى إغراق السوق بتدفقات نقدية لا يقابلها عرض مواز من السلع والخدمات لامتصاصها، وبالتالي ترتفع نسب تضخم بشكل متسارع بدون أي رادع أو حل لإيقافها.

ومن ثم فالاستمرار باتباع هذه السياسة سيجعل الاقتصاد السوري يأكل من نفسه كل مرة حتى لا يموت جوعًا، فالدين الداخلي لا يزيد الإنتاج ولا ينعش الاقتصاد وهو حل مؤقت سريع لا يصلح لأن يعامل كسياسة نقدية يتم تطبيقها طوال سنوات كما يحدث في سوريا.

الدين الداخلي... وسيلة الحكومة لدفع ثمن الأزمة من جيوب الشعب:

اعتبر الخبير الاقتصادي الدكتور "حسين القاضي"، أن لجوء الحكومة إلى الاستدانة من البنك المركزي هو العلاج الأسوأ لتوفير السيولة، موضحاً لصحيفة "تشرين" المحلية إن هذا الإجراء نادراً ما تلجأ إليه دول العالم وسيتسبب بتسجيل الدين على الأجيال القادمة، ويزيد الفقر والتضخم والأسعار.

وتابع: "إذا لم تكن لدينا سياسة نقدية، وليس هنالك القدرة على رسم سياسة نقدية وكسب ثقة المواطن، فلا يبقى هنالك سوى وسيلة واحدة وهي طبع البنك المركزي للأموال، وهذا سيزيد التضخم، لأن هذه الأموال التي ستدفع كزيادة للرواتب ستضخ في الأسواق نحو تسوق المزيد من السلع الاستهلاكية، وبالتالي زيادة الطلب وارتفاع الأسعار".

وأكد أنه "بهذه الطريقة تحل المشكلة على حساب المواطنين والفقراء منهم، لأن أصحاب العقارات والعملات يحققون فوائد أعلى من هذه الزيادة في الأسعار، وهذا يعني أن ما حصل عليه المواطن في اليد اليمنى تم امتصاصه منه في اليسرى".

أي إن المواطن هو المتضرر على المدى البعيد، وكذلك الاقتصاد الوطني، لأنه لم يجمع الفائض النقدي الموجود بأيدي المواطنين، ولم يُعد استثماره، بل تم ضخ كتلة نقدية إضافية رفعت الأسعار.

وكانت وزارة المالية قد أجرت العام الماضي ثلاث مزادات على سندات الخزينة، بعدما سمحت مؤخراً بتداول سندات الخزينة في سوق دمشق للأوراق المالية، وسمحت لشركات الوساطة المالية المشاركة في المزادات، وكذلك للأفراد الطبيعيين والاعتبارين بالمشاركة في الاكتتاب على هذه السندات.

وقد بلغت قيمة الإصدار الثالث المستهدف 100 مليار ليرة، حيث شارك في المزاد خمسة عارضين ينتمون لجهات متنوعة من مواطنين ومصارف عامة وخاصة.

وتبلغ القيمة الاسمية للسند مليوني ليرة، ومعدل الفائدة 8.89%، توزع كل نصف عام.

وقد بلغ معدّل الفائدة للكوبونات 8.98%، على أساس القيمة الاسمية للسند (2 مليون ليرة سورية)، سوف توزع بشكل نصف سنوي، علماً بأن أسعار الفائدة المقدمة في العروض تراوحت بين 8.4% كحدّ أدنى و11% كحدّ أقصى.