مزارعو البادية السورية يستبشرون بمحصول وفير من القمح والشعير بعد أمطار الخير
مع هطول المطر أكثر من مرة في ريف الرقة الغربي، انتعشت آمال "فرحان العلي"، ومعه آلاف المزارعين، بالحصول على موسم زراعي وفير من أراضيهم التي زرعوها، بالقمح والشعير في البادية السورية.
حيث يقول "العلي" لصحيفة "العربي الجديد": "كلنا أمل بهطول المطر مرات عدة في كانون الثاني وشباط وآذار"، مضيفاً: "الكثير من الفلاحين استدانوا ثمن بذور القمح والشعير آملين أن يكون الموسم القادم أفضل مما سبق".
وأشار "علي الأحمد"، وهو مزارع في ريف الرقة، إلى أن الإدارة الذاتية التابعة لـ "قسد"، في شمال شرقي سورية، "لم تمنع الزراعة في البادية المعتمدة على المطر"، لكنها في المقابل "لم تقدم أي مساعدة لهم يمكن أن تخفف عنهم بعض الأعباء المادية، في ظل الظروف الصعبة التي تمر على عموم السوريين".
وكشف أن بعض الفلاحين احتفظوا ببعض محصولهم من القمح المروي من الموسم الفائت من أجل بذره في أراضيهم هذا الموسم، بينما اضطر آخرون إلى شراء البذور.
ورغم هذه المعاناة، فقد زرعت مساحات كبيرة في ريف الرقة الغربي والجنوبي الغربي و"لو هطل المطر بشكل كاف سيتضاعف إنتاج البلاد من القمح والشعير". يضيف المزارع ذاته مرجحاً أن يكون "الجفاف ربما أقل وطأة من العام الفائت".
موسم شبيه بـ 2019:
عبر "الأحمد" عن أمله في أن يكون الموسم الحالي شبيهاً بعام 2019 "الذي كان جيداً"، لأن "خسائر المزارعين ستكون كبيرة إذا لم يهطل المطر في الوقت المناسب وبالكميات المطلوبة. نرجو ألا تتحول المساحات الكبيرة إلى مراع للأغنام فقط كما يحدث كل عام".
وبيّن "أن الهكتار الواحد من الأرض في البادية يحتاج إلى نحو 150 كيلو من البذور"، موضحاً أن سعر الطن من البذور وصل إلى نحو 400 دولار للشعير و650 دولاراً للقمح". وبخصوص الإنتاج، يقدر المزارع نفسه أن "الدونم الواحد يمكن أن ينتج نحو 4 أكياس في حال كان الموسم جيداً".
وتعتمد الزراعة في البادية السورية، المقتصرة على القمح والشعير، على المطر الذي أدت ندرته خلال السنوات الفائتة إلى تراجع الإنتاج إلى مستويات دنيا.
وتشكل البادية السورية أكثر من نصف مساحة سورية ومساحتها نحو 10.2 ملايين هكتار، وهي موزعة اليوم بين "قوات سوريا الديمقراطية" (قسد)، التي تسيطر على جانب منها في ريف الرقة الغربي والجنوبي الغربي، والحكومة السورية التي تحكم قبضتها على الجزء الأكبر منها.
الزراعة والثروات في البادية السورية:
ولم تشهد البادية السورية هطول أمطار غزيرة منذ عام 1987 الذي جنى فيه المزارعون حصاداً فريداً، حيث اضطرت الحكومة وقتها إلى تخزين الإنتاج في العراء، بعد أن فاضت الصوامع بالغلال. وخلال عقد التسعينيات، منعت الحكومة الزراعة في البادية السورية، بهدف الحفاظ على الغطاء النباتي الطبيعي والحد من التصحر.
وتتوزع البادية السورية إدارياً على محافظات سورية عدة، هي: دير الزور، الرقة، حلب، حماة، حمص، ريف دمشق، السويداء. ولم تحاول الحكومة تطوير الزراعة في البادية السورية رغم أنها لا تبتعد كثيراً عن نهر الفرات، حيث لم تشهد أي مشروعات جدية لزيادة المساحات الزراعية في البلاد، ما عدا بعض المحميات الرعوية.
وتعد البادية السورية من أغنى المناطق السورية بعد منطقة "شرقي الفرات"، فهي فضلاً عن الزراعة تضم ثروة نفطية هائلة، حيث تنتشر في وسطها عشرات الآبار والحقول، لعل أبرزها: حقل الشاعر، وحقل الهيل، وحقل آراك، وحقل حيان، وحقل المهر، وحقل جحار، وحقل أبو رياح. وكل هذه الآبار الغازية تنتشر في محيط مدينة تدمر التي تقع في وسط البادية السورية.
وتراجع إنتاج سورية من القمح، سواء المروي أو غير المروي إلى مستويات غير مسبوقة، حيث لم يتجاوز إنتاج الموسم الفائت 1.2 مليون طن مقابل أكثر من 4 ملايين طن من القمح قبل عام 2011، وهو ما يكفي الاستهلاك المحلي مع إمكانية توجيه مليون طن للتصدير.