مهنة الشعب... كيف يربح اللبنانيون المال باستخدام منصة صيرفة؟

مشاهد الطوابير الطويلة التي نشاهدها أمام المصارف لتنفيذ عملية بيع وشراء عبر منصة صيرفة، باتت جزءاً أساسياً من حياة اللبنانيين، ومع رغبة البعض منهم في تحقيق أرباح أو إيرادات تسد جزءاً من احتياجاته، يضطر إلى الوقوف يومياً لساعات طويلة على أبواب المصارف طمعاً في تنفيذ "عملية صيرفة".

وهكذا فقد تحولت خدمة التبديل التي تقدمها صيرفة، إلى مهنة أو مهمة يومية، إذ يشتري أحدهم الدولار صباحاً ثم يبيعه بعد الظهر بسعر السوق السوداء.

في حديثه لموقع "اندبندنت عربية"، يروي مسؤول الأمن في أحد المصارف بشارع الحمرا، كيف تأتي الحافلات المستأجرة والمحملة بمواطنين يأتون من مناطق بعيدة مثل بعلبك أو عكار، ليبسطوا أغراضهم ويحجزوا أماكن لهم منذ الساعة الـ11 ليلاً بانتظار فتح "صيرفة" عند العاشرة من صباح اليوم الثاني.

ويشرح الخبير المصرفي والقانوني "خالد شاهين" أن "صيرفة هي عبارة عن كوتا مخصصة من البنك المركزي لكل مصرف تجاري. ويتم تحديد مبلغ الكوتا على أساس حجم المصرف وعدد الزبائن وقيمة الودائع وتاريخ المصرف بالتداول".

ويضيف: "قد يراعي المركزي طلبات بعض المصارف إلا أنه قبل الإقدام على أية خطوة يقدر حاجة السوق بناء على تحويلات الدولار من خارج المصارف، أي من خلال الصرافين، وهنا تظهر الكتلة النقدية المتداولة".

ويتأسف "شاهين" على ما وصلت إليه الحال، بحيث أصبحت "صيرفة" تجارة بعض الناس، وأغلبهم من المقتدرين الكبار الذين يتاجرون فيها على حساب الناس العاديين لمراكمة الأرباح الإضافية.

كيف يربح اللبنانيون من "تجارة صيرفة":

في معرض حديثه عن كيفية الربح من هذه العملية، يؤكد "شاهين" أنه "لا علاقة لصيرفة بودائع الناس المحتجزة، ولكن الاثنين يتعلقان بحاجة الناس إلى الأموال".

ويوضح أن "نقطة البداية للعملية، هي أن يكون المواطن لديه عملة لبنانية؛ ولنفترض أن لدينا 300 ألف موظف بالدولة يتقاضون رواتبهم بالليرة اللبنانية ويذهبون إلى الصراف الآلي لإجراء عملية صيرفة، فيضعون قيمة صيرفة المحددة وهي 38 ألف ليرة مقابل كل دولار، فيقدم 3.8 مليون ليرة للبنك ويأخذ 100 دولار ومن ثم يصرفها على سعر السوق السوداء التي هي اليوم 45 ألف ليرة فيأخذ 4.5 مليون ألف ليرة، وبهذه الطريقة يجني 700 ألف ليرة إضافية".

ويتابع الخبير: "هكذا يشعر المواطن أنه يستطيع تأمين جزء بسيط من حاجاته. أما الصراف، فيذهب إلى مصرف لبنان ليودع الأموال ويأخذ في مقابلها ليرة لبنانية ليعود إلى السوق ليشتري الدولار من حساباته وكلها عمليات شرعية لأنه بحسب القانون الصرافون من فئة ’أ‘ و’ب‘ يجب أن يكون لديهم حساب في مصرف لبنان".

إشكالات أمام الصرافات الآلية:

بينما تحمل سيدة في الصف من أربع إلى خمس بطاقات، تشتكي سيدة أخرى تقف خلفها من أن لديها بطاقة واحدة وتريد المرور، إذ إنها انتظرت أسبوعاً وتخشى أن تغلق المنصة قبل مجيء دورها.

أما "السماسرة"، فهم من حملة البطاقات ويوظفون أشخاصاً يتفرغون لهم ومن ثم يوزعون على جميع الفروع ويدفع لهم مبالغ زهيدة ليحجزوا أماكن أمام الصراف الآلي منذ الصباح الباكر.

ويقول أحد المواطنين: "أنتظر الحصول على 700 ألف ليرة من هذه العملية منذ نحو ثلاث ساعات، وجئت إلى هنا منذ الصباح الباكر. وأتحمل كل هذا الذل من أجل الاستفادة المادية حتى أستطيع أن أعيش أنا وعائلتي".