المركزي اللبناني يفقد هيبته بأسواق الصرف... القرار المرتقب غدًا قد يكون فرصة أخيرة

تضاءل الدور المحوري لمصرف لبنان المركزي في أسواق صرف العملات بشكل دراماتيكي، وأصبحت الكلمة العليا للمضاربات الساخنة على الليرة اللبنانية التي تتغذى أساساً من تعميق حالة عدم اليقين.

ووفق توصيف مسؤول مصرفي كبير، فإن الدور المفترض للبنك المركزي كصانع رئيسي لأسواق الصرف والتحكم بإدارة السيولة النقدية، تحوّل سريعاً إلى "حارس مرمى وحيد في ملعب المضاربين لصد سيل الهجمات الشرسة على سعر الليرة".

تلك الهجمات، ورغم تدخل المركزي اللبناني المركزي يوم 27 كانون الأول الماضي، نجحت في الاستنزاف السريع لمعظم التدابير الممكنة، ليعود معها سعر الدولار في لبنان اليوم إلى التحليق من جديد.

تدابير المركزي المرتقبة غدًا... قد تكون فرصة أخيرة:

في ظل خشية مصرفية ومالية من تداعيات أكبر حجماً وأشد إيلاماً تنتجها هذه المواجهة المشهودة في الميدان النقدي بين السلطة النقدية و"أشباح" الأسواق الموازية الذين يتكفلّون بالاستحواذ على الدولارات المعروضة بأي وسيلة ومهما ارتفعت الكميات المعروضة، ينشد الاهتمام إلى محتوى التدابير الردعية أو الوقائية التي يتوقع اعتمادها من قبل حاكمية البنك المركزي قبيل انطلاق أسبوع العمل الجديد يوم غد (الاثنين).

وينتظر الجميع كلمة المركزي، التي قد تكون فرصته الأخيرة قبل الانفلات الكامل، لا سيما بعد التوقف "الظرفي" لكثير من المصارف عن قبول عمليات صرف جديدة عبر منصة صيرفة.

ويؤشر انحدار حجم العمليات النقدية المسجلة على المنصة خلال الأسبوع الماضي، إلى الجانب الرقمي والمحسوس لانكماش دور البنك المركزي، وبالتالي توجه الجزء الأكبر من الطلب إلى الأسواق الموازية.

فقد بلغ إجمالي العمليات المنفذة بيعاً وشراء في خمسة أيام نحو 322 مليون دولار، أي ما يوازي الحجم المسجل في يوم واحد من أسبوع العمل الأول للعام الحالي، الذي ناهزت حصيلته المجمعة نحو 900 مليون دولار في ثلاثة أيام فقط وليس خمسة، بسبب مصادفة عطلات رسمية.

ووفق رصد أجرته صحيفة "الشرق الأوسط"، فإن اضطرار البنك المركزي إلى عرض الدولار النقدي مقابل السيولة بالليرة وحصره بتلبية طلبات الأفراد ضمن سقف لا يتعدى تبديل نحو 2630 دولاراً بسعر البالغ 38 ألف ليرة، أسهم بتكوين موجة طلب مرتفعة على الدولار في الأسواق الموازية.

ذلك بينما تكفلت الإجراءات الاحترازية التي نفذتها غالبية المصارف، بتعزيز تمركز عمليات المبادلات خارج منصة صيرفة ليتفلت تلقائياً سعر التداول فوق مستوى 49 ألف ليرة لكل دولار.

ومن الواضح، بحسب خبراء وناشطين في أسواق النقد، أن المعوقات التي تصطدم بها سياسات البنك المركزي وتدابيره التقنية للحد من انحدار سعر صرف الليرة، لا تقتصر على الغموض السياسي غير البناء الذي يطغى على مجمل الاستحقاقات الدستورية والملفات الحيوية العالقة في شرك الشلل الحكومي والتشريعي، بل هي تستمد صلابتها وقدرتها على جبه التوجهات من وقائع المؤشرات المؤثرة مباشرة في التدفقات النقدية.

وتؤكد الإحصاءات الموثقة أن ارتفاع الطلب التجاري على الدولار محلياً لتلبية الزيادة اللاحقة ببيانات الاستيراد، لا يتوازن مع حجم التدفقات الدولارية الواردة إلى البلد، وفي مقدمها تحويلات اللبنانيين العاملين في الخارج والمغتربين التي يقدر أن تكون وصلت إلى 7 مليارات دولار في العام الماضي، وتدفقات المواسم السياحية التي شهدت طفرة مستعادة بنحو 5 مليارات دولار.