أفضل خيار لإنقاذ أموالك في لبنان... الكاش أم العقار أم الذهب؟

مع استمرار تردي وضع القطاع المصرفي في لبنان، وتدهور القطاع العقاري، باتت خيارات الادخار أمام اللبنانيين ضيقة جداً. ولا يقتصر الادخار هنا على المتمولين او الميسورين الذين يتّجهون غالباً إلى الاستثمار وليس الادخار، إنما يشمل كل مَن تمكّن من توفير مبلغ ضئيل من مدخوله الأسبوعي أو الشهري.

ولم تعد مسألة ادخار بعض المال بالأمر السهل في لبنان، فثقة الناس بالمصارف باتت شبه معدومة، وبدأ اقتصاد "الكاش" يتّسع أكثر فأكثر، وعليه تحتفظ غالبية العائلات في لبنان بما تيسّر لها من أموال نقداً في المنازل، وتقدّر تلك الأموال بالمليارات.

لكن في المقابل لا تنجو عملية الادخار بالكاش في المنازل من المخاطر، في ظل ارتفاع مستوى جرائم السرقة والخطف والابتزاز المالي. من هنا لا بد من طرح سؤال حول ماهية الخيارات المتاحة لادخار بعض المال بأقل مستوى من المخاطر؟

تطرقت جريدة "المدن" اللبنانية إلى هذا الموضوع، وذكرت في تقريرٍ حديث نصائحًا "على مقاس اللبنانيين" للادخار.

وجوب تنويع الادخار:

لا يوجد استثمار خالٍ كلّيًا من المخاطر، إنما تتفاوت المخاطر بين مجال وآخر. وكما الاستثمار كذلك الادخار لا يخلو من المخاطرة. وإن كان البعض يعتقد أن الادخار "الكاش" لاسيما بالدولار الأميركي قد ينجو من المخاطر، لكن الواقع أن كافة مناحي الادخار لا تخلو هي الأخرى من المخاطر لكن بشكل متفاوت وطفيف أحياناً.

بين ادخار الدولارات نقداً أو شراء عقار في لبنان أو اقتناء اونصات الذهب يرى الخبير الاقتصادي "باتريك مارديني" أن المدخرين المحليين لا خيارات كثيرة أمامهم لذلك يبقى الهروب باتجاه "الكاش" هو الأفضل لاسيما أن كل المؤشرات في لبنان حالياً تشي بالتدهور.

ويشدد "مارديني" في حديثه للجريدة اللبنانية على أن الادخار بالدولار نقداً حالياً هو الخيار الاقل خطورة من باقي الاصول على الرغم من التضخم العالمي وتراجع قيمة العملة.

أما خبير البورصات "جهاد الحكيّم" فلا يؤيد مسألة الادخار بالكاش فقط، إنما ينصح بتنويع الادخارات، وليس فقط في لبنان إنما خارج لبنان وفي مختلف الأصول والقطاعات.

ويرى أن الأموال المكدسة في البيوت تقلصت قيمتها بشكل ملحوظ بسبب نسب التضخم الكبيرة حول العالم، من هنا يرى "الحكيّم" أن تنوع سلة الادخارات تبقى أكثر أماناً وأقل خطورة من أي ادخار لاسيما ادخار النقد الكاش.

ويلفت "مارديني" إلى أن البحث عن خيار للادخار الآمن ليس سهلا، ففي السابق كان الملجأ الأول هو المصارف وهذا الخيار لم يعد متاحاً اليوم.

في المقابل أرسى القطاع العقاري بعض الاستقرار لكنه في حال استمرار انهيار العملة الوطنية وعزوف الناس عن الشراء العقاري فإن انهيار القطاع قد يستمر. خصوصاً أن الطلب القوي على العقار بداية الأزمة لم يقابله عرض وبالتالي من غير المتوقع أن يرتفع العقار في القريب العاجل، على ما يقول "مارديني".

الادخار في لبنان... ما كان صالحًا الأمس ليس بالضرورة أن يبقى كذلك اليوم:

منذ بداية الأزمة المالية والاقتصادية في لبنان عام 2019، نشطت عملية شراء العقارات وأونصات الذهب بشكل ملفت جداً في البلد، بموجب شيكات مصرفية، وكان واضحاً حينها اتجاه المودعين إلى تحرير ودائعهم من المصارف بأقل أضرار ممكنة.

أما اليوم فالأمور اختلفت في ظل تراجع سوق الشيكات إلى الحدود الدنيا، وبات البحث عن ملاذ آمن للادخار الشغل الشاغل للبنانيين.

لكن لو أردنا توزيع المخاطر والتقليص من حجمها لا بد من الادخار عن طريق العقار الذي تراجعت أسعاره كثيراً بالمقارنة مع ما قبل الأزمة، والذهب الذي يُعد الملاذ الآمن على مدار التاريخ، وطبعاً مع الاحتفاظ بمدخرات كاش بإحدى العملات الأجنبية.

فقط بهذه الحالة قد يتجنّب المدّخر بعض الخسائر التي من المحتمل أن تلحق به في حال تدهور سعر أي من الأصول التي لجأ إليها.

كل ذلك مع الأخذ بالاعتبار أمرين، الأول أن الادخار بالذهب يختلف بحسب نوع المقتنيات. فالادخار الأكثر أماناً بين أنواع الذهب يبقى بالليرات الذهبية اللبنانية إذ إن الخسارة في حال وقعت عند بيعها قد لا تتجاوز 10 دولارات في حين تصل الخسارة بالليرة السويسرية إلى 40 دولاراً.

أما الأمر الثاني فيرتبط بالعقار إذ إن العقار القابل للاستثمار يبقى من الأصول الأفضل بالمقارنة مع العقار غير القابل للاستثمار.