إيران أمام أزمة غاز تنذر بشلل اقتصادي رغم امتلاكها لـ 15% من احتياطي الغاز في الأرض

لم يخطر على بال الأوساط الإيرانية، عند عزفها قبل أشهر على وتر نقص الطاقة في أوروبا وتحذير قادتها من شتاء قاس وبرد قارس ينتظر بلادهم، أن أزمة الطاقة ستدق ناقوسها في عقر دارهم هذا الشتاء إثر تفاقم الاستهلاك المنزلي والتجاري فيها.

ومع وصول مفاوضات فيينا النووية إلى طريق مسدود، لم تعد إيران -التي تمتلك ثاني أكبر احتياطي من الغاز، وتصنف بأنها ثالث أكبر منتج له في العالم- تُخفي أنها أمست تواجه مشكلة في توفير الغاز للقطاعات الصناعية في ظل تراجع درجات الحرارة وتفاقم استهلاكه على المستوى الوطني.

وفي أحدث التطورات حول أزمة الغاز المندلعة في إيران، أفاد تلفزيون "إيران إنترناشيونال"، بأن المسؤول بشركة الغاز الوطنية الإيرانية "مسلم رحماني" أعلن عن انقطاع الغاز عن 1442 منظمة ومؤسسة حكومية وعامة بسبب تفاقم أزمة البرد وارتفاع الاستهلاك.

وأشار التلفزيون، يوم أمسٍ السبت، إلى أن أزمة توزيع الغاز تفاقمت في الأسابيع القليلة الماضية مع زيادة الاستهلاك.

مصانع إيران بلا غاز:

في تقريرٍ نشرته قبل أقل من شهر، تحت عنوان "بدء قطع الغاز في القطاعات الصناعية"، نقلت صحيفة "مردم سالاري" عن "عباس جبال بارزي" نائب رئيس اللجنة الصناعية في غرفة إيران للتجارة قوله إن تدفق الغاز إلى مصانع الصلب في إيران تراجع إلى الثلث؛ مما يعني توقف بعض الأقسام الصناعية عن العمل.

في حين ذكر موقع "صداي بورس" الإخباري عن صدور أوامر بقطع الغاز عن 10 مجمعات لإنتاج البتروكيماويات بسبب تزايد الاستهلاك المنزلي في فصل الشتاء، مؤكدا أن سهم انقطاع الغاز أصاب كذلك بعض مصانع الإسمنت خلال الأيام الماضية.

من جانبه، يرى الباحث الإيراني في شؤون الطاقة "عسكر سرمست" أن عجز الطاقة -لا سيما نقص الغاز في الشتاء ونقص الكهرباء في الصيف- ليس جديدا على بلاده، بسبب أن الاستهلاك المنزلي يستحوذ على حصة الأسد في سلة الاستهلاك؛ مما يتطلب خططا لترشيد الاستهلاك فيها.

وكان وزير النفط الإيراني "جواد أوجي" توقع أن تشهد البلاد نقصا يقدر بنحو 230 إلى 250 مليون متر مكعب من الغاز في ذروة الاستهلاك خلال فصل الشتاء المقبل.

كيف يعقل أن إيران تعاني من أزمة الغاز؟

في حديثه لوكالة "الجزيرة"، أوضح الباحث "سرمست" أن بلاده تصدر الفائض من الغاز والكهرباء إلى دول الجوار، وأنها لا تعاني من نقص سوى في مواسم محددة، مؤكدا أنه بإمكان طهران تجاوز مشكلة النقص في الطاقة عبر التوافق مع زبائنها الأجانب على خفض كميات صادراتها في تلك المواسم.

ولدى إشارته إلى احتياطي بلاده من الغاز والنفط، رأى الباحث الإيراني أن القطاع بحاجة إلى استثمارات للنهوض بالبلاد اقتصاديا بدل أن يكون هاجسها الرئيسي إدارة الاستهلاك المنزلي، واصفا أسعار الطاقة المتدنية بأنها أحد الأسباب وراء تفاقم الاستهلاك المنزلي في بلاده.

وبسبب العقوبات الأميركية المستمرة منذ سنوات، دخل قطاع النفط والغاز في إيران طور التهالك، وأضحى بحاجة ماسة للتحديث والتطوير واستقدام تقنيات حديثة، مما دفع الشركة الوطنية الإيرانية للنفط إلى توقيع مذكرة تفاهم مع شركة "غازبروم" الروسية لتطوير 3 حقول غاز إيرانية و6 أخرى للنفط بقيمة 40 مليار دولار.

وتأتي الصفقة حلقة من سلسلة الحلول العاجلة التي تبحث عنها طهران للاستثمار في قطاعي النفط والغاز؛ إذ حذر وزير النفط الإيراني من تحول بلاده إلى مستورد للمنتجات النفطية والغازية في حال عدم استقطابها 240 مليار دولار خلال الأعوام الـ 8 المقبلة للاستثمار في قطاعي النفط والغاز، وذلك بسبب تراجع الضغط في عدد من الحقول وللحفاظ على الطاقة الإنتاجية في الحقول الأخرى

وتُجدر الإشارة إلى أن نحو 9 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي المنتج والمكرر تُفقد بسبب تآكل الشبكة وتمزقها في مرحلة النقل والتوزيع.