ملف رياض سلامة وزيارة المحققين إلى لبنان يشعلان الجدل مجددًا

عاد الجدل مجددًا في لبنان على إثر الحديث عن زيارة مرتقبة لمحققين أوروبيين للبنان في يناير/ كانون الثاني الجاري، للبحث في جرائم مالية يشتبه في تورّط حاكم البنك المركزي رياض سلامة بها، بالدرجة الأولى.

ونتج عن ذلك انقسام في الأوساط القضائية التي وضع بعضها هذه الخطوة في إطار المسّ بالسيادة اللبنانية القضائية، مطالبين المرجع القضائي المختصّ برفض التعاون بشأن التحقيقات.

وتبلّغت النيابة العامة التمييزية عبر كتاب رسمي من فرنسا وألمانيا ولوكسمبورغ بزيارة وفدٍ من المحققين الممثلين لهذه الدول لبيروت الشهر الجاري، وذلك في إطار التحقيقات المالية بحق سلامة وشقيقه رجا، ومزاعم في التورط بقضايا غسل أموال واحتيال وفساد.

متى ستكون الزيارة؟

تقول "دينا أبو زور"، المحامية في "رابطة المودعين"، في حديثها لصحيفة "العربي الجديد" إن زيارة المحققين الأوروبيين متوقّعة بين 9 و20 يناير/ كانون الثاني، وذلك للتحقيق مع "رياض سلامة" ونوابه وكبار الماليين والمصرفيين في بنوك تجارية، ومعرفة كيفية سير النظام المصرفي في لبنان، والوقائع التي حصلت خلال الأزمة وسببتها، عدا عن وجود شبهات عدة تتصل بقضايا تبييض واختلاس أموال أدت إلى تجميد أصولٍ لبنانية في الدول الثلاث المذكورة بلغت نحو 120 مليون يورو.

وتلفت إلى أن "هذه الشبهات تتصل بقضايا تبييض واختلاس أموال، بالإضافة إلى التحقيقات السويسرية بشأن عمليات مصرفية غير قانونية قام بها سلامة وشقيقه رجا وغسل أموال في سويسرا"، مع الإشارة إلى أن تحقيقات سويسرية أظهرت تحويل أكثر من 500 مليون دولار لسلامة والمقربين منه عبر البنوك السويسرية.

وتقول "أبو زور" إن هناك تحقيقات لبنانية تتصل بسلامة وشقيقه ومقربين منه وشخصيات مصرفية ومالية، ولكن كلها متوقفة، سواء بسبب مناكفات قضائية، أو تدخلات سياسية، عدا عن اعتكاف القضاة وتوقفهم عن العمل، وكل ذلك يؤدي إلى عرقلة الملفات والتحقيقات الأوروبية التي تحتاج إلى معلومات من لبنان، وتعاون لإتمامها.

وتشير إلى أن هناك جدلاً كبيراً بشأن زيارة الوفد واعتراضات من بوابة السيادة والتدخل في عمل القضاء اللبناني، لكن لبنان من موقِّعي اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وهو ملزم بالتعاون قضائياً فيما خصّ الجرائم المالية، سواء خارج البلاد أو داخلها، التي قد تؤثر على دول أخرى، وإلا يعتبر خارج نظام المعاهدات والنظام المالي المصرفي نفسه، والعواقب تكون بهذه الحالة وخيمة على النظامين المالي والقضائي.

وتردف "أبو زور"، قائلة: "هناك أصول بكل الأحوال يمكن اتباعها في إجراء التحقيقات تضمن السيادة اللبنانية، إذ يمكن لمدعي عام التمييز أن يتخذ قراراً بأن تُجرى بوجود قاضٍ لبناني منتدب يدير هذه التحقيقات وجلسات الاستجواب".

وتشدد على أن "التحقيق الأوروبي ضرورة، وخصوصاً في ظل العرقلة الحاصلة لبنانياً، ومن شأنه أن يأتي بمعطيات جدية وأسباب جوهرية تتصل بالأزمة وقد تودي بدلائل مهمة حول الجرائم المالية التي ارتكبت والضالعين فيها، لنكون بالتالي على طريق المحاسبة الصحيح".

من ناحية ثانية، تتوقف "أبو زور" عند أهمية أن تكون الأصول المجمدة في الخارج ملاحقة أيضاً من قبل الدولة اللبنانية، باعتبار أن هناك آليات معينة لاستردادها إن تبين أن هذه الأصول نتيجة عمليات مشبوهة وغير قانونية.

وقال مصدرٌ قضائي للصحيفة إن "النائب العام التمييزي القاضي "غسان عويدات" له أن يقبل بإجراء التحقيقات، وعندها يجوز للمحققين استدعاء أي شخص للاستماع إليه، أو يمكنه رفض ذلك، ولكن بكل الأحوال لم يصدر بعد أي قرار رسمي من قبل بهذا الصدد".

وأشار المصدر إلى أن "هناك انقساماً بشأن نيّات هذه التحقيقات وما إذا كانت الخطوة تمسّ بسيادة القضاء اللبناني، ولكن لعدم الظهور بوجه المعرقل، يمكن أن يذهب المدعي العام باتجاه أن يحقق قضاة لبنانيون بالملف بوجود المحققين أو القضاة الأوروبيين".