ما الذي يحدد سعر صرف الدولار في لبنان... هل هي قرارات المركزي فعلًا؟

تعتبر مسألة فعالية مصرف لبنان المركزي ومدى تأثيره الفعلي في المعطيات الاقتصادية وفي سعر الصرف من الأمور المثيرة للجدل في لبنان، فبعد قراره في 27 كانون الأول 2022 رفع سعر منصة صيرفة إلى 38.000 ليرة وبيع الدولار من دون حدود بالأرقام للأفراد والشركات، عادت ثقة الناس جزئيًا بقدرة المصرف على التدخل حين يلزم الأمر.

لكن بعض الأسئلة ما زالت مطروحة ومستعصية، فهل نجح مصرف لبنان بالسيطرة فعلاً على السوق؟ وهل هو بالفعل من يمسك زمام الليرة وأسعار الصرف أم أنه مجرد "مسعف" في مشفى ترقد فيه الليرة بدون أطباء كما يشبه البعض؟

لا يرى الخبير الاقتصادي والمالي "لويس حبيقة"، أن سعر صرف الدولار تحت السيطرة. ويؤكد، أن “مصرف لبنان لا يسيطر على سوق الدولار، والمسألة تخطَّت قوّة وقدرة البنك المركزي، وأصبحت خارج إمكانياته لضبطه والسيطرة عليه”.

خزائن مركزي لبنان لم يتبق فيها الكثير:

يشير الخبير، في حديث إلى موقع "القوات اللبنانية"، إلى أن “مصرف لبنان ما يزال يمتلك نحو 10 مليار دولار، وربما أقل وفق بعض الأرقام بما يوازي 8 مليار تقريباً. لكن بغض النظر عن الرقم، 10 أو 8 مليار، هو لا يستطيع السيطرة على سعر الصرف. وبالتالي، القضية خرجت من يده”.

ويلفت، إلى أن “البنك المركزي يتحكَّم بتحديد سعر منصة صيرفة ويرفعه كما يشاء، لكنه يعجز عن السيطرة على السوق لأنه لا يملك في محفظته دولارات كافية لذلك. فالسيطرة على الدولار تعني ضخّ دولارات في السوق لاستيعاب الطلب، وهذا الأمر غير متوفِّر كما أشرنا”.

ويوضح "حبيقة"، أن “مصرف لبنان يحاول ربح الوقت، ويتصرَّف بموجب الصلاحيات والقدرة المتاحة له، ولا يستطيع فعل أكثر ممّا يفعله حتى لو نوى ذلك. بالتالي هو يقوم بما يستطيع القيام به”.

ويلفت إلى أن “الدولارات التي يمتلكها لا تكفي لتمويل البلد بشكل عادي، إذ عليه تمويل الكهرباء، والسلع الأساسية كالقمح والأدوية وغيرها، والدولة بشكل عام. لذلك هو يقوم بتقنين الدولار، (ضربة هنا وضربة هناك)، لأنه يعرف أنه لا يمكنه السيطرة عليه”.

ويؤكد على ضوء ذلك أن “المسألة باتت تحت حكم العرض والطلب في السوق، من خارج مصرف لبنان. ولا شك أن الطلب على الدولار لا يزال مرتفعاً، لكنه ليس مرتفعاً جداً، لأن مصرف لبنان يقوم بسحب الليرة من السوق، ببطء، للتخفيف من إمكانية شراء الدولار، من خلال التعاميم والقرارات التي يصدرها وآخرها رفع سعر منصة صيرفة”.

بالتالي، فيرى "حبيقة" أن “الدولار خرج عن سيطرة مصرف لبنان وبات تحت سيطرة قاعدة العرض والطلب. أما لكي يتمكن البنك المركزي من العودة للسيطرة عليه، يجب أن تدخل دولارات بكميات كبيرة، وهذا ما لن يحصل في ظلّ الفوضى الخطرة التي يعيشها البلد، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً وأخلاقياً، وعلى المستويات كافة”.

ويعتبر أن لبنان واقتصاده “في مسار انحداري وسقوط متتابع، على مستوى سعر صرف الدولار وهبوط قيمة الليرة. ويكفي متابعة ما يحصل على صعيد التفكك والانحلال في مؤسسات الدولة، وتدنِّي المستوى الأخلاقي في التعاطي بين كبار المسؤولين والوزراء ومع المواطن، وعرض العضلات والتقاذف الحاصل بين المسؤولين في الدولة”.

ويختتم حديثه مؤكدًا أن “ما نشهده اليوم من طريقة التعاطي في الشأن العام والاستهتار بالمواطنين، لم يسبق له مثيل حتى في أيام الحرب”.