هل أنقذ المركزي اللبناني الليرة فعلًا في قراره الجديد؟ تفاصيل لا يجب تجاهلها

من البديهي أن سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية في السوق السوداء لم يكن ليتراجع بعد ارتفاعه الأخير، لو لم يتدخل مصرف لبنان المركزي بشكلٍ حاسم ودراماتيكي، ما أدّى إلى خلط الأوراق على نطاقٍ واسع في الأسواق، وإلى إحباط كلّ السيناريوهات عن تحليق سعر الدولار مطلع العام الجديد.

يبان ذلك خصوصاً لأن سعر الدولار في لبنان تراجع بشكلٍ فوري، بحيث بات أقرب من سعر منصّة صيرفة، والذي ارتفع إلى 38 ألف ليرة.

وبرأي الكاتب والخبير الاقتصادي "أنطوان فرح"، فإن قرار "رياض سلامة" حاكم مصرف لبنان، “قد شكّل صدمةً في الأسواق، لأن الكلّ كان يتوقّع أن يواصل سعر الدولار الارتفاع ويلامس الـ 50 ألفاً، أو حتى يتجاوز هذه الحدود مع نهاية العام”.

إنقاذ الليرة اللبنانية... عملية إسعافية مؤقتة وتنطوي على مخاطر:

في حديث لموقع “ليبانون ديبايت” أكد الخبير "فرح"، أن “القرار يشبه القرارات السابقة لحاكم المركزي، التي لجمت مسار ارتفاع الدولار”.

وأشار إلى أنها ” إجراءات مؤقتة وتنطوي على مخاطر، من بينها أن ارتفاع سعر منصّة صيرفة من 31 ألف ليرة إلى 38 ألفاً بشكلٍ مفاجئ، قد ساهم في ارتفاع الرسوم التي تُحتسب على سعر صيرفة، كما أنه، ومع اقتراب نهاية الشهر، فإن المواطن الذي كان يتأمل أن يتحسّن وضع راتبه، سيتأثر بارتفاع سعر دولار صيرفة، بالإضافة إلى أن التجار الذين رفعوا الأسعار بعد ارتفاع الدولار، لن يعمدوا إلى تخفيضها، ما سيُبقي على أسعار السلع مرتفعة بحجة أنهم قد اشتروها عند ارتفاع الدولار إلى 48 ألف ليرة”.

لكن "فرح" يستدرك موضحاً، أن “حاكم المركزي كان مضطراً إلى اتخاذ مثل هذا الإجراء، بعدما وصل سعر صرف الدولار إلى مستوى غير مسبوق، ولم يكن في قدرة المواطن أو الدورة الاقتصادية في البلاد تحمّله”.

وعن تأثير هذا الإجراء على واقع التداول في السوق السوداء بعدما تقلّص الفارق بين سعرها وسعر صيرفة ما قد يلغي السوق السوداء أو يقلص دورها، يرى الخبير أن “ما من سعر وهمي في السوق الحرة، طالما أن مصرف لبنان لا يستطيع تلبية الطلب على الدولار بشكلٍ كامل، بمعنى أن هذه السوق تنتهي، عندما يقوم مصرف لبنان بتأمين حاجة السوق لأنه سيصبح المرجع".

ويستدرك: "لكن في ظلّ الظروف الحالية، فإن مصرف لبنان يمتلك القدرة على تلبية جزء كبير من طلب السوق، ولفترة غير محددة، لأنه قام بضخّ الدولار في الأسواق في الفترة السابقة، ولكن لفترة محدودة منه، لأنه اتكل على العامل النفسي، وعلى دور اللبنانيين في دعم الليرة وتراجع الطلب، وبالتالي، بعد مدة، قد ينتهي مفعول القرار ويعود السعر ليتحدّد وفق حركة العرض والطلب".

ولا ينكر "فرح" أن الصدمة التي سبّبها قرار “المركزي”، قد أثرت على “تراند” صعود الدولار في السوق الحرة ونجح في كسره، متوقعاً أن يستقرّ السعر لفترة زمنية معيّنة.