ما الحلول المتوفرة أمام سلطات لبنان لكبح جنون الدولار وكيف ينجو الناس من هذه الأزمة؟
باتت الأزمات الاقتصادية والسياسية أمرًا اعتياديًا وجزءً لا يتجزأ من حياة اللبنانيين، حتى أن الشغور الرئاسي وتحليق سعر صرف الدولار في السوق السوداء في لبنان، قد تحوّلا إلى محور أساسي للوحة الداخلية المثقلة بالخلافات والصراعات المتنوعة.
أما التحدّي المطروح اليوم، فيتركز حول سبل مواجهة هذا الواقع الذي يقول البعض إنه “لا عودة عنه” بعد الآن.
في هذا الصدد، يقول الباحث الاقتصادي الدكتور "جاسم عجاقة" لموقع "ليبانون ديبايت”، إن هناك مجموعة من الخطوات مطلوبة من السلطة، كما من المواطنين، للحدّ من هذا ارتفاع الدولار بطريقة عملية من جهة، ومن أجل “التكيّف” والصمود إزاء هذا الواقع المتردّي الذي بدأ يتكرّس على المستوى المالي، كما على المستوى الاجتماعي من جهة ثانية.
المطلوب من السلطات اللبنانية لوقف نزيف الليرة:
على صعيد السلطة، فإن المطلوب، وفق الدكتور "جاسم عجاقة"، يُختصر بثلاث خطوات:
الأولى عبر تدخل من مصرف لبنان المركزي، من أجل سحب الفائض من الليرة عبر التعميم 161. وأمّا الخطوة الثانية، فهي مطلوبة من وزارة المال من خلال إجبار التجار والشركات على دفع الرسم الجمركي والضريبة على القيمة المضافة، بالليرة.
كذلك، فإن الخطوة الثالثة، فتتمحور حول اتخاذ وزارة الداخلية أيضاً إجراءات سريعة وعاجلة ميدانياً، من خلال ملاحقة كل الأشخاص الذين يقومون بأعمال المضاربة على الليرة اللبنانية، وبشكلٍ غير شرعي من قبل صرافين غير قانونيين، ومن خلال تهريب الدولار والبضائع إلى خارج لبنان.
دور المواطن اللبناني في هذه المعمعة:
ورداً على سؤال، عن دور المواطن في هذه المواجهة، فقد رأى الدكتور "عجاقة"، أنه وحده مَن يدفع الثمن اليوم، وهذا الثمن بات باهظاً، علماً أنهم ينقسمون إلى فئتين:
الأولى التي ما زالت على توفير جزء يسير من الدولارات النقدية من خلال مساعدات خارجية، أو شرائها عبر منصة “صيرفة”، أو من خلال الراتب بالدولار.
بينما الفئة الثانية، فهي تضمّ المواطنين الذين يقبضون رواتبهم بالليرة اللبنانية، وهم عاجزون عن الحصول على الدولار وغالبيتهم من الموظفين.
واعتبر الدكتور "عجاقة"، أن الفئة الثانية التي تشمل نسبةً مرتفعة من اللبنانيين، قد تكون عاجزة في المرحلة المقبلة عن تأمين الحدّ الأدنى من الغذاء والدواء وتحمّل مصاريف الحياة اليومية الضرورية، وأصبحت تتّجه نحو الحصول على المساعدة، وبشكلٍ سريع من الجمعيات والمؤسسات الإنسانية، والتي من المطلوب منها اليوم أن توسّع من دائرة العائلات المستفيدة من دعمها، وذلك، مهما كان حجم المساعدة محدوداً، وبالتالي، فإن الاعتماد سيكون على مؤسسات المجتمع المدني في المرحلة المقبلة، من أجل تأمين كل ما هو ضروري للصمود.
لكن الدكتور "عجاقة"، ينصح المواطنين بعدم الدخول في لعبة المضاربة والمبادرة إلى الشراء والبيع، والتركيز فقط على بيع ما يؤمن حاجتهم، وليس كمياتٍ كبيرة، لأن المرحلة المقبلة ستشهد ثباتاً في ارتفاع سعر الصرف، وذلك لأسباب سياسية واقتصادية داخلية وخارجية.
وكذلك، فإن هؤلاء اللبنانيين بالنسبة للدكتور، يملكون مفتاح التحكّم بالاستيراد من خلال التخفيف من حجم الاستهلاك للبضائع المستوردة، وذلك رغم توافر القدرة المالية لديهم على شرائها، ذلك أن ارتفاع نسبة الاستهلاك بشكلٍ كبير، ستزيد الطلب على الدولار من قبل المستوردين، وبالتالي، ستؤدي إلى زيادة الطلب على الدولار وارتفاع سعره إلى مستويات قياسية، وهو ما سينعكس بشكلٍ كارثي على الجميع.