تحويلات مغتربي لبنان تبلغ 38% من الناتج المحلي... خبراء يستغربون من الرقم الهائل

لطالما كانت تحويلات اللبنانيين المغتربين والعاملين في الخارج، أحد المصادر المهمة لدخول الأموال الصعبة إلى لبنان، خصوصاً وسط الأزمة الاقتصادية والنقدية التي تشهدها البلاد من ثلاث سنوات.

وقدَّر البنك الدولي في تقريره الأخير أن يبلغ حجم تحويلات المغتربين إلى لبنان 6.8 مليار دولار أميركي في عام 2022، مقارنة بـ 6.6 مليار دولار أميركي في العام 2021، ليتبوأ لبنان المرتبة الثانية عالمياً من حيث مساهمة تحويلات المغتربين في الناتج المحلي الإجمالي، والتي بلغت 37.8 بالمئة في 2022.

من أين تأتي حوالات مغتربي لبنان؟

تأتي أغلبية هذه التحويلات من المهاجرين اللبنانيين المنتشرين في الأميركتين، ومن ثم الخليج العربي لتتبعها التحويلات القادمة من أفريقيا.

ولكن مبلغ الـ 6.8 مليار دولار كتحويلات والذي يعد كبيراً مقارنة بعدد سكان لبنان البالغ أربعة ملايين نسمة، لم يستطع لجم خسائر الليرة اللبنانية التي تستمر بفقدان قيمتها أمام الدولار بشكل شبه يومي.

حوالات المغتربين مقارنة مع ناتج لبنان المحلي:

يقول رئيس جمعية تجار بيروت "نقولا شماس" في حديث لوكالة إعلام عربية شهيرة، إن التحويلات الواردة من الخارج إلى لبنان لا تعتبر حالة ظرفية، بل دخلت ضمن هيكلية الاقتصاد اللبناني، مشيراً إلى أن بلوغ التحويلات نسبة تقارب 38 في المئة من الناتج المحلي للبنان يعتبر رقماً هائلاً.

وبحسب "شماس" فإن قسماً كبيراً من تحاويل المغتربين بالعملة الصعبة، يكون مصيره الادخار في المنازل فيما يلبي القسم الآخر حاجات الناس المعيشية، واصفاً الأمر بالعامل الإيجابي الذي يساهم بزيادة مخزون الدولار في البلاد، في الوقت الذي تتكتل فيه عوامل سلبية أخرى ضد الليرة اللبنانية لتساهم بفقدانها قيمتها أمام الدولار بشكل متسارع.

وكشف "شماس" أن عدم اليقين السياسي في لبنان والشغور الرئاسي، إضافة إلى عدم قدرة مجلس وزراء على الاجتماع لتسيير أمور البلاد، وارتفاع حجم الكتلة النقدية بالليرة اللبنانية المتداولة في السوق، تعتبر من العوامل الرئيسية الداعمة لارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء، وفقدان العملة اللبنانية لقيمتها بشكل يومي حيث هبطت من 1500 ليرة في 2019، إلى 44.8 ألف ليرة للدولار الواحد هذا الأسبوع.

الحساب الجاري:

بالاتجاه المقابل، يقول رئيس الجمعية الاقتصادية اللبنانية "منير راشد" في حديث لوكالة الإعلام ذاتها، إن تحويلات المغتربين إلى لبنان تدخل في ميزان الحساب الجاري، الذي يشمل الواردات والصادرات من سلع وخدمات، مشيراً إلى أن لبنان بلد يعتمد على الاستيراد وبالتالي فإن ما يدفعه من عملات صعبة لتمويل حاجاته من سلع مستوردة يفوق حجم التحويلات المالية الواردة إلى البلاد.

ويشرح "راشد"، وهو اقتصادي السابق في صندوق النقد الدولي، أن الـ 6.8 مليارات دولار، التي يتم تحويلها إلى لبنان تسد ما نسبته 70 في المئة من العجز التجاري للبلاد ليصبح العجز 3 مليارات دولار، مشيرا إلى أنه لولا تحويلات المغتربين لكان العجز وصل إلى 10 مليارات دولار.

ويؤكد أن تحويلات المغتربين إلى لبنان عملت على الحد من تدهور العملة اللبنانية، مشيراً إلى أنها ساهمت أيضاً في الحد من عدم ارتفاع الدولار في السوق السوداء إلى مستوى 60 أو 70 ألف ليرة لبنانية.