الأسواق السورية تغرق باللحوم الفاسدة والسلع السيئة

إلى جانب انعدام وسوء الخدمات ووسائل النقل وازدياد ساعات التقنين الكهربائي، طالت أزمة المحروقات غذاء السوريين، إذ إنه مع تفاقم النقص الشديد في المحروقات بدأت تنتشر ظاهرة اللحوم الفاسدة في الأسواق السورية.

في سوق باب سريجة على سبيل المثال، ظهرت لحوم خالية من أختام المسالخ المعتمدة لدى الحكومة وبسعر أقل بـ 5000 ليرة عن سعر كيلوغرام اللحم المدغوم.

ويشتكي سكان في دمشق من رداءة نوعية اللحوم رغم ارتفاع سعرها وسط رفض بعضهم شراءها، وتأكيد مصادر محلية من سوق باب سريجة أن مصدرها مجهول وربما تكون لحوم إناث الغنم أو حمير.

ويؤكد "شادي"، وهو لحام منذ أكثر من عشرين سنة في سوق باب سريجة، أن ظاهرة اللحوم الفاسدة وغير المدغومة ومجهولة المصدر منتشرة منذ سنوات، ولكنها زادت في الأيام الأخيرة جراء أزمة الوقود والنقل.

ويقول في حديثه لصحيفة "العربي الجديد"، إن هناك محال تذبح في الصباح الباكر ضمن السوق ومن ثم تعرض لحومها للبيع دون معرفة إن كان رأس الغنم الذي ذبح ذكراً أو أنثى أو غيرهما.

ويروي اللحام أن سوق باب سريجة تحول إلى مذبح ومسلخ في الصباح الباكر في حوالي الساعة الرابعة دون أي رقابة من مسؤولي صحة دمشق، ويقول: "يومياً يذبح في باب سريجة أكثر من 50 رأس من إناث الغنم من قبل اللحامين، ويتم بيعها على أنها لحم عواس".

أختام مزورة:

يقول اللحام "شادي"، إن عملية الغش في اللحوم "باتت سهلةً في ظل انعدام الرقابة وغشّ بعض اللحامين الذين يملكون أختاما مزورة يدمغون بها لحومهم على أساس أنها قادمة من مسالخ معتمدة".

ويؤكد أن أكثر من نصف لحامي سوق باب سريجة يغشون لحومهم ليس فقط بتبديل أو خلط اللحم إنما يقومون بفرم لحوم منتهية الصلاحية مع جلد الدجاج وغيرها من بقايا لحمة قديمة ويبيعونها على أنها لحم طازج مفروم دون أدنى معايير السلامة الصحية.

وهنا، يشير لحام آخر، يدعى "خالد" (51 عاماً)، إلى أن أغلب حالات الغش تكون من خلال بيع لحم إناث الأغنام على أنه لحم ذكر أو لحم عجل، وذلك عبر الاستفادة من فرق السعر لصالح اللحام.

في المقابل، لا يمكن ضبط آلية ذبح وبيع اللحوم دون وجود رقابة صحية ومسالخ نظامية يمنع الذبح خارجها، كما أكد "هيثم الصالح"، وهو طبيب بيطري يعمل في عيادته الخاصة بريف دمشق، إذ يقول: "لا يمكن أن تكون هناك رقابة صحية في ظل انقطاع الكهرباء الطويل، واليوم أزمة المحروقات الشديدة"، مشيراً إلى أن أغلب محال اللحمة أضحت تعتمد على قوالب الثلج بدلاً من البرادات.

لحوم حيوانات ميتة:

عن الغش في اللحوم، يضيف "الصالح" أن هناك نوعا من الغش خطير صحياً، وهو بيع لحوم أغنام (ذكور وإناث) ميتة قبل ذبحها وخلطها مع لحوم أخرى للتمويه مع إضافة بعض المكونات عليها، ويؤكد أن أغلب اللحوم الفاسدة والمغشوشة تذهب باتجاه المطاعم الكبيرة ومحال المعجنات كونها تطبخ مع منكهات أخرى ولا يمكن كشفها في هذه الحالة.

وفي بداية شهر ديسمبر/ كانون الأول الجاري، طالبت جمعية اللحامين محافظة دمشق بالإسراع بإعادة سوق الجملة للحوم الواقع في الزبلطاني للعمل بعد إعادة تأهيله كونه يغطي كل أنواع الذبائح من خراف وعجول وأبقار وفروج وأسماك.

وقال حينها نائب رئيس جمعية اللحامين بدمشق "محمد يحيى الخن"، في تصريحات صحافية، إن "السوق يتكون من 160 محلاً، وقد خرج عن الخدمة منذ بداية الحرب، وكان السوق يعيل أكثر من 800 أسرة".

وتختلف أسعار اللحوم من منطقة إلى أخرى ضمن دمشق وتراوح بين 45 و50 ألف ليرة للكيلوغرام الواحد.

ويبلغ عدد اللحامين (الجزارين) المسجلين بجمعية اللحامين حالياً 700 لحام، بحسب نائب رئيس جمعية اللحامين بدمشق "محمد يحيى الخن"، ويضاف إليهم "الشقيعة" وعددهم نحو 53 شقيعاً، وهم الوسطاء بين المربين واللحامين ويعتبرون الأساس في تجارة جملة اللحوم، وفقاً لقوله في تصريحات صحافية.