سوق العقارات في سوريا مثال حي على الركود التضخمي... جنون بالأسعار وضعف بالطلب

يحتار الخبراء السوريون في تحديد الأسباب الحقيقية التي تقف وراء ارتفاع أسعار العقارات والمساكن في البلد، وما المعايير التي يتم على أساسها تسعير العقارات التجارية أو الشقق السكنية.

فهل السبب هو ارتفاع معدل التزايد السكاني والحاجة الدائمة إلى المساكن، أم ارتفاع أسعار الأراضي ومحدوديتها، وخاصةً تلك التي تقع داخل المخططات التنظيمية للمدن والبلدان والبلدات؟ أم ارتفاع أسعار مواد البناء من حديد وإسمنت ومواد إكساء وغيرها من مستلزمات للبناء؟

في هذا الصدد، أكد المهندس "أمير العجوز" الذي عمل لفترة في مجال التعاون السكني (جمعية سكنية)، أنه قد تكون تلك الأسباب مجتمعة وغيرها من الأسباب غير المرئية وراء ارتفاع أسعار العقارات في البلد بشكل غير منطقي.

حيث وصل سعر المتر المربع إلى نحو مليون ليرة على الهيكل في بعض الأحياء من مدينة اللاذقية. وإلى أكثر من مليون ليرة في أحياء أخرى من المدينة حسب موقع الحي. بينما تراوح بين 600 ـ 800 ألف ليرة للمتر المربع في الأحياء الشعبية.

وأوضح "العجوز": "عندما نتحدث عن الشقق السكنية لا نقصد تلك الشقق الضخمة والفيلات أو الشاليهات التي تصل كلفتها إلى مئات الملايين من الليرات السورية، إنما فيما يتعلق بالمساكن والشقق السكنية العادية والشعبية، وأيضاً تلك الموجودة في مناطق السكن العشوائي التي أصيبت بعدوى ارتفاع أسعار الشقق فيها... رغم ملاحظاتنا على الطريقة التي أقيمت بها".

وختم حديثه لصحيفة حكومية، مبينًا أن هناك محاضر سكنية جديدة ومعظمها على الهيكل دون إكساء أو حركة بيع وشراء.

وبدوره أكد أحد المقاولين الذي يعمل في البناء، للصحيفة ذاتها، أن هناك إقبالاً كبيراً من بعض التجار على الاستثمار في قطاع البناء، وهو ما يمكن أن يكون قد ساهم في ارتفاع أسعار المساكن بشكل خاص، والعقارات بشكل عام.

وأشار إلى أن هناك، بسبب ارتفاع أسعار العقارات، عمليات شراكة تجري بين مالك العقار والمتعهد للبناء على العقار بعد الاتفاق على نسب كل طرف من عدد الشقق والمحال التجارية، الأمر الذي أدى إلى زيادة كبيرة في عدد الشقق السكنية الشاغرة نتيجة اختلال التوازن في سوق العقارات.

وعن انعكاس ارتفاع أسعار مواد البناء وأجور اليد العاملة في مجال البناء، أكد أنها سبب رئيسي يضاف الى ارتفاع أسعار العقارات في عملية رفع أسعار المساكن بشكل كبير.

أمام هذا المشهد وبعد أن تم تحديد القيم التخمينية للعقارات، باتت أسعار الشقق السكنية تفوق إمكانية تملك أي موظف حكومي على شراء مسكن.

حيث أكد عدد من المواطنين العاملين في القطاع العام عجزهم عن تملك شقة صغيرة في أي مكان، لأنه بمقارنة أسعار العقارات مع أجورهم يتضح أن ذلك الأمر غير متاح على المدى المنظور.

فسعر شقة متواضعة يقارب 100 مليون ليرة سورية في الوقت الذي لا يتجاوز متوسط الراتب 100 ألف ليرة سورية، ولعل مشروع سكن الشباب الذي أطلقته وزارة الإسكان والتعمير في وقتها، وتحديد أسعار الشقق ومدة التسليم، ومن ثم التأخير الذي حصل في استكمال المشروع وما رافقه من تعديل الأسعار وتحميلها للمكتتبين على المشروع يوضح الحال، بعدم وجود فرص لأصحاب الدخل المحدود لتملك أي سكن.

وبالعودة الى إحصاء في شهر أيلول من العام 2004، فقد كان عدد المساكن في القطر نحو 3 ملايين و701 ألف مسكن، وعدد المساكن الخالية 513,295 مسكناً، ما يشير الى عدم وجود أزمة سكن بالمعنى الإحصائي نظرياً.

واليوم أمام وجود مئات المحاضر السكنية على الهيكل تشير أيضاً إلى عدم وجود أزمة سكن، لكن الواقع عكس ذلك، حيث هناك أزمة إيجارات للمساكن والإيجارات بالحد الأدنى 300 ألف ليرة للشقة، وتصل إلى ما يفوق المليون في بعض الأحياء.