وصفوها بأحدث أداة لنهب اللبنانيين... ما قصة موازنة 2022 والجدل الدائر حولها؟

دخلت الموازنة العامة اللبنانية لعام 2022 حيّز التنفيذ بعد صدور مراسيمها التطبيقية، في 15 تشرين الثاني، لتصبح نافذة وملزمة لناحية تطبيق ما يرد فيها من واردات وإيرادات ونفقات، على أن تبدأ وزارة المال بصرف الرواتب والمساعدات الاجتماعية بالصيغة الجديدة، بدءاً من ديسمبر/ كانون الأول المقبل.

وبلغت النفقات في موازنة عام 2022، 40873 مليار ليرة لبنانية، فيما بلغت الإيرادات 29986 مليار ليرة لبنانية.

وأبرز ما تضمّنته الموازنة، زيادة رواتب موظفي القطاع العام المدنيين والعسكريين والمتقاعدين والمتعاقدين وجميع الأجراء في الدولة، ضعفَيْن على الراتب الأساسي، على ألا تقل الزيادة عن 5 ملايين ليرة لبنانية ولا تزيد على 12 مليون ليرة.

وتعدّ هذه الزيادة استثنائية محدودة الزمن ريثما تجري المعالجة النهائية لموضوع الرواتب، ولا تحتسب في تعويضات نهاية الخدمة أو المعاش التقاعدي.

موازنة 2022 في لبنان... ضريبية بامتياز:

في هذا الصدد، يكتب الدكتور "فؤاد زمكحل"، في جريدة "الجمهورية: "هذه الموازنة “العجائبية” هي في الحقيقة موازنة ضريبية بامتياز، ستُطبّق على شعب منهوب، واقتصاد مهترئ. فالموازنات في البلدان عادةً تُمثّل رؤية واضحة للسنوات المقبلة، بالتوازي مع خطة استراتيجية تُواكبها".

ويضيف: "الموازنة تبدأ بنية مزدوجة مع الرؤية، ومن ثم استراتيجية على المدى القريب، المتوسط والبعيد، وخطة تنفيذ وخصوصاً ملاحقة".

ويتابع قائلًا: "إذا نظرنا اليوم حولنا، من الواضح أن لا نيات صافية، ولا شبه رؤية، ولا استراتيجية إلاّ الإستراتيجية التخريبية، ولا خطة إلاّ الخطط الشعبوية لمتابعة الانهيار، ولا ملاحقة إلاّ ملاحقة الأبرياء... هذه الموازنة الضريبية ستطعن القلوب والأيادي البيضاء، وستُحفّز التهريب وتبييض الأموال".

موازنة 2022... من سينفذ؟!

يتساءل "زمكحل": "إذا ركّزنا على التنفيذ، نتساءل مَن سيُنفذ هذه الموازنة؟ أهي الدولة العاجزة عن دفع أجور ورواتب ونقل موظفيها؟ وقرطاسية وحبر وأقلام وزاراتها؟ وهل المراقبون على تنفيذ هذه الموازنة هم الذين يقبضون الرشى بالدولار الفريش، والذين سيُلاحقون بشفافية هذا المشروع الوهمي؟ علماً أن التنفيذ والملاحقة هما كلمتان لن توجدا في قاموس الدولة والسياسة في بلدنا المنهار".

ويسأل مجددًا: "كيف يُمكن تسديد العجز بالضرائب، وهذا أخطر وأسوأ هدف مستحيل. فالضرائب ستُعمّق الفجوة، وتزيد الانهيار، والتدمير الذاتي".

ويرى أن "تخفيض العجز لم ولن يكون إلاّ بإعادة الحركة الاقتصادية، والنمو المستدام وجذب الاستثمارات والمستثمرين، خلافاً لهذه الموازنة الضريبية والتي ستُهرّب ما تبقّى من الاستثمارات، وتزيد الانكماش والانهيار".

ويستدرك قائلًا: "نتفهّم مطالبة صندوق النقد الدولي، وعملية حساباته التي تنص على زيادة الضرائب التي ستزيد مداخيل الدولة، لكن هؤلاء يغفلون أن كتب اقتصاد لبنان والمنطق المالي والضرائبي يختلف تماماً عن المحاسبة والاقتصاد الدولي. ففي لبنان عندما ترتفع الضرائب، تنخفض مداخيل الدولة ويتضاعف التهريب وينمو الاقتصاد الأسود على حساب الاقتصاد الأبيض".

ضرائب الموازنة القاصمة... على من ستفرض؟

يقول الدكتور في معرض حديثه: "نتساءل على مَن ستُفرض هذه الضرائب، على شعب منهوب؟ والذي سُرقت ودائعه، وهُدرت مداخيله بأكبر أزمة اقتصادية واجتماعية في تاريخ العالم؟ وهل ستُنفذ على شعب دُمّرت منازله وشركاته بثالث أكبر انفجار في تاريخ العالم؟ وعلى شركات لن يؤمّن لها أقلّ حاجاتها وحاجات الشعب، من البنى التحتية والخدماتية مثل الكهرباء والمياه والاتصالات؟"

ويختتم: "إن هذه الموازنة الضريبية ورفع العتب على الصندوق، هي موازنة لن تُطبّق، ولن تُبصر النور عملياً، لكن مرّة أخرى نشهد مشاريع عشوائية، ووعوداً كاذبة، في ظل غياب أي نية صافية واستراتيجية واضحة، وخطة تطبيقية، وملاحقة دقيقة".