لبنان يترقب جني مليارات جديدة من السياحة بالأسابيع القادمة... أموال تتجنب المصارف

Sidon Sea Castle - Sidon, Lebanon

في صيف 2022 جنى لبنان إيرادات سياحية هي الأعلى منذ بدء مسار الانهيار الاقتصادي أواخر عام 2019، والآن أيضًا يعوِّل في موسم الشتاء على تكرار التجربة المُنعِشة مالياً، رغم أنها لم تنعكس على اقتصاد الدولة اللبنانية، خصوصاً أن مليارات الدولارات التي جنتها المؤسسات بقيت خارج القطاع المصرفي الفاقد الثقة محلياً وخارجياً.

وهكذا، تنظر المؤسسات السياحية في لبنان بإيجابية إلى شتاء 2022 ـ 2023، وتأمل في سيناريو شبيه بالصيف خصوصاً أنه ترافق مع حدث مونديال قطر بثقله الربحي.

من "أهلًا بهالطلة" إلى "عيدها عالشتوية":

تحشد وزارة السياحة اللبنانية لموسم الشتاء بعد نجاح حملتها الصيفية التي أطلقت عليها "أهلا بهالطلة"، إذ تستخدم اليوم شعار "عيدها عالشتوية" لاستقطاب المغتربين اللبنانيين والسياح العرب والأجانب.

وأعلن وزير السياحة في حكومة تصريف الأعمال "وليد نصار"، قبل أيام، أن مبلغ 6.4 مليارات دولار دخل لبنان في موسم الصيف، خرج ما يقارب المليارين ونصف مليار دولار، وبقي فيه 4 مليارات ونصف مليار دولار نقداً، ولكن ليس في المصارف، مشيراً إلى أن عدد الوافدين خلال أشهر الصيف الثلاثة بلغ مليونا و720 ألف وافد.

كذلك، لفت "نصار" خلال إطلاق حملة وزارة السياحة الشتوية، إلى أن الحجوزات مرتفعة، واحتفالات هذه السنة سيكون لها نكهة مختلفة، متوقعا أن تصل الأعداد التي تتوافد إلى لبنان خلال شهري نوفمبر/تشرين الثاني وديسمبر/كانون الأول، إلى حدود نصف مليون وافد، بإيرادات مقدرة تتراوح بين مليار وملياري دولار.

ما مدى مصداقية أرقام الحكومة؟

برز تشكيك في الأرقام التي أعلنت عنها وزارة السياحة بشأن إيرادات السياحة في الصيف البالغة 6 مليارات دولار، ولا سيما أن عام 2022 شهد ارتفاعاً على مستوى أسعار الخدمات والسلع والبضائع والأدوية، في ظل رفع الدعم من جانب مصرف لبنان وزيادة سعر الدولار في السوق الموازية، فضلا عن السماح للمؤسسات السياحية بالتسعير بالدولار، الأمر الذي أفقد البلاد صفة "الأرخص" وجعل الكثير من المواطنين يفضلون وجهات أخرى سيما تركيا التي تبقى أرخص.

يقول الخبير الاقتصادي السابق في صندوق النقد الدولي "منير راشد" لصحيفة "العربي الجديد" إن "الأرقام التي أعلنها وزير السياحة اللبناني ليست موثوقة، والأرقام الموثوقة على صعيد ميزان المدفوعات هي التي تصدر عن دائرة الإحصاء في مصرف لبنان والتي لم تصدر بعد".

ويضيف أنه "دخل إلى لبنان من القطاع نحو 3.13 مليارات دولار في 2021، بينما اليوم يقول وزير السياحة إنه دخل إلى لبنان في فصل الصيف فقط 6 مليارات دولار، وهذا رقم غير ممكن".

السبب في هذه المبالغة، بحسب "راشد"، أن "كل وزير يريد أن يظهر نجاحاته وأن وزارته تقوم بعمل ممتاز وتؤدي دورها، وهو ما يفعله المسؤولون ككل، لكن عملياً على الأرض يقابل هذه الإنجازات الصوتية، أحوال اللبنانيين التعيسة".

سياح لبنان لا يثقون بوضع قرش واحد في مصارفها:

يقول الخبير الاقتصادي السابق في صندوق النقد الدولي، إن السائح لا ثقة لديه في القطاع المصرفي، كما تعثرت وسائل الدفع لديه خصوصاً عبر بطاقته المصرفية، وأصبح مضطراً إلى حمل مبالغ طائلة والدفع بطريقة الكاش، وهذا يؤثر كثيراً، حتى إنه لم نعد نفرّق بين السائح واللبناني.

ويتابع أن "العدد صحيح زاد على مستوى الوافدين، لكن المصروف لم يرتفع، وأغلب اللبنانيين الذين يأتون إلى لبنان لا يجرون حجوزات في الفنادق بل يقيمون في منازلهم أو بقراهم وضيعهم، من هنا الشك أيضاً في الأرقام التي أعلنت عنها وزارة السياحة، عدا عن أن مقابل الوافدين إلى لبنان هناك أعداد خرجت من البلاد وفضلت وجهات سياحية أخرى، أرخص من لبنان مثل تركيا واليونان التي فيها خدمات مجانية تزيد الاستقطاب مثل الشواطئ، والبضائع أرخص والفنادق أيضاً".