الكشف عن ثروة مساعدة حاكم مصرف لبنان في إطار تحقيقات وتهم فساد ضخمة
خَلُص تحقيق للشرطة الفرنسية إلى أن ثروة "ماريان الحويك"، مساعدة حاكم مصرف لبنان المركزي "رياض سلامة"، بلغت عام 2011، 14 مليون يورو. حيث جاء ذلك في أعقاب تحقيقات بريطانية - فرنسية ضد "سلامة"، الذي يشتبه في تبييضه الأموال واختلاسها.
وطلب المدعي العام في سويسرا مساعدة قانونية من السلطات اللبنانية للتحقيق بالاشتباه في قيام حاكم مصرف لبنان "رياض سلامة" وشقيقه "رجا سلامة" بعمليات غسل أموال واختلاس، بعد اعتبار السلطات السويسرية الأخوين مُشتبهاً بهما في إجراء تحويلات مصرفية يصل مجموعها إلى نحو 400 مليون دولار.
وورد اسم "ماريان الحويك" في تحقيقات الشرطة الفرنسية، التي أشارت إلى أن ثروة مساعدة حاكم مصرف لبنان كانت تقدّر عام 2011 بـ14 مليون يورو، بحسب صحيفة "الأخبار" اللبنانية.
كيف وصلت "الحويك" إلى هنا وما علاقتها بالأمر؟
استعرضت الصحيفة تدرج "مارين الحويك" في الوظائف داخل مصرف لبنان الذي التحقت به عام 2005 مقابل راتب شهري يبلغ ثلاثة ملايين ليرة (2000 دولار)، تدرّج صعوداً ليبلغ 10 ملايين ليرة (6670 دولارا) عام 2010، ثم 13 مليون ليرة (8671 دولارا) عام 2015، فـ18 مليوناً (12 ألف دولار) عام 2020، بحسب "الأخبار".
وقالت الصحيفة إنه عبر 15 عاماً، تمكنت "الحويك" من تملك شقة في باريس، وأخرى في الأشرفية، وثالثة في الرابية، وشركة مطاعم في لندن، وشركة لتطوير العملات الرقمية، و800 ألف دولار في حساب في سويسرا، والثروة التي تقدر بـ 14 مليون يورو التي أشارت إليها تحقيقات الشرطة الفرنسية.
ووفقاً لمستندات قدمتها "الحويك" إلى مصرف Richelieu في موناكو لدى فتحها حسابين في 12 تشرين الأول/ أكتوبر 2011، فقد برّرت هذه الثروة بأنها متأتية من أكثر من راتب تتقاضاه ومن إرث آلَ إليها.
وبحسب مذكرة رسمية أصدرها حاكم مصرف لبنان "رياض سلامة"، في نيسان/ أبريل 2022، فإن "الحويك" تشغل منصب "مستشارة تنفيذية ممتازة" للحاكم، "لمدة سنة قابلة للتجديد، نظراً إلى الخبرة التقنية الواسعة التي تتمتع بها، بهدف وضع الدراسات والإشراف وملاحقة أي ملف أو مشروع يراه الحاكم مناسباً"، بحسب صحيفة "الأخبار".
وأثار قرار التنصيب الجديد جدلا في لبنان، حيث قالت وسائل إعلام محلية إن دخل "الحويك" من عملها في مصرف لبنان بلغ في 10 أشهر فقط من العام 2014 أكثر من مليار و300 مليون ليرة، ما دفعها إلى إصدار بيان فندت فيه ما اعتبرته "مغالطات"، مؤكّدة أنها لا تتقاضى أي بدل مادي لقاء منصبها الاستشاري الجديد، وأنها تقدّمت بطلب استيداع (إجازة من دون راتب) منذ عام 2017، وكان راتبها لا يتجاوز الـ 12 مليون ليرة.
في المقابل، وفي أيار/ مايو من عام 2021، اعترفت "الحويك" أمام المحامي العام المالي "جان طنوس"، بأنها "اتفقت مع حاكم مصرف لبنان على بدل أتعاب يبدأ بـ 80 ألف دولار سنوياً مقابل عملها في مشروع لدعم اقتصاد المعرفة والشركات الناشئة، وهو ما يُعرف بالاقتصاد الرقمي"، وأن بدل الأتعاب هذا كان "يسدّد في سويسرا" من "الحساب الشخصي للحاكم".
وقالت إن مجموع ما حصّلته من عملها هذا خلال ست سنوات وصل إلى 800 ألف دولار في حسابها الذي جمّده القضاء السويسري.
وهذا ما أكّده "سلامة" نفسه أيضاً في إفادته أمام القاضي "طنوس"، إذ أقرّ بأن الحويك "أقدمت على تنفيذ عدد من المشاريع تتعلق بالاقتصاد الرقمي"، وأنه "رغب في تسديد قيمة هذه المشاريع من جيبه الخاص، فطلب من شقيقه رجا تسديد مبالغ مالية للحويك على أربع أو خمس دفعات بقيمة 500 ألف أو 600 ألف دولار لكل دفعة".
وفي إفادتها، قالت "الحويك" إن الشقة الباريسية "اشتراها لها والدها عام 2008 بمليون و600 ألف يورو"، مشيرة إلى أنها "لا تذكر اسم البائع أو كيفية تسديد الثمن".
وأضافت أن الشقة كانت حصتها من ضمن خطة توزيع الميراث بينها وبين أشقائها، فكانت حصة شقيقتها شقة في بيروت بقيمة مليون و200 ألف دولار، فيما نال أشقاؤها أسهم الشركات العائدة لوالدها.
وأفادت "الحويك" بأنها اشترت أيضاً شقة في منطقة الأشرفية في بيروت بقيمة 700 ألف دولار بموجب قرض من مصرف لبنان عام 2013 أيضاً، وأن زوجها اليوناني "ألكسندر أندريانوبولوس" قد اشترى لها شقة في منطقة الرابية بمليون و200 ألف دولار أو مليون و500 ألف دولار.
كذلك تملك "الحويك" شركة "رايز إنفست" التي أُسست في بنما عام 2011، ويُعتقد بحسب الوثائق التي سُرّبت في ملف "وثائق بنما"، التي أكدت أن "الحويك" هي المساهم الوحيد في الشركة التي صُمِّمت لتكون "سرية"، وأصدرت الشركة أسهماً لحامليها، وهي نوع من ضمانات الأسهم الخاصة التي تسمح للمالك بالبقاء مجهول الهوية. وتظهر الوثائق الإبلاغ عن "فقدان أو تدمير" أسهم "رايز إنفست" لحاملها عام 2015، وإصدار شهادات أسهم جديدة باسم "الحويك".
وكشفت "الأخبار" عن تورط شركة "كلاود إكس" التي أسستها "الحويك" عام 2018 في قضايا تضارب مصالح مع مصرف لبنان من خلال تنظيم مؤتمر دولي والإشراف على مشروع لتطوير تكنولوجيا العملات الرقمية، دون عقد خطي.