بعد تجاوز صرف الدولار 5700 ليرة... هل حان الوقت لزيادة الرواتب في سوريا؟

عاد الحديث عن زيادة الرواتب في سوريا مجددًا بعد التدهور الكبير الذي شهدته الليرة في الأيام والأسابيع الماضية، حيث وصل سعر صرف الدولار في سوريا إلى أكثر من 5700 ليرة، مما تسبب بإمعان الضرر المترتب على قدرة الناس الشرائية، وجعل الراتب الحالي الذي يحصل عليه الموظفون في سوريا هو كمصروف يومٍ واحد يتم إيداعه كل شهر مرة.

ويستند المتحدثون عن زيادة الرواتب، على تصريحاتٍ سابقة لعضو مجلس الشعب "محمد خير العكام"، قال فيها إن هناك تعديلاً قريباً لزيادة الرواتب والأجور في سورية.

وقال "العكام" حينها، في حديث مع إذاعة "المدينة"، إنّ المقترح سيقدم لوزير المالية ليضع تعديل الرواتب والأجور في مشروع الموازنة، على أن يكون الحد الأدنى للأجور 150 ألف ليرة شهرياً، بينما الحد الأدنى من الرواتب اليوم هو 92 ألفاً.

وأوضح عضو "مجلس الشعب" أنّ هناك مشروع قانون أيضاً يجري العمل عليه لإعفاء 100 ألف ليرة سورية من الراتب من الضرائب والرسوم، لافتاً إلى أن راتب 100 ألف "قليل، وحد الكفاف يجب أن يكون أكثر من ذلك"، مضيفاً: "الحد الأدنى لمصروف أسرة من 4 أشخاص لا يقلّ عن مليون ونصف مليون ليرة".

هل زيادة الرواتب في سوريا بنسبة 25% ستحدث فرقًا؟

في هذا الصدد، قال الخبير الاقتصادي "يونس الكريم" لصحيفة "العربي الجديد"، إنّ الزيادة المقترحة هي 25%، مضيفاً أنّ من الخطأ اعتبار هذه الزيادة تهدف إلى تحسين الوضع المعيشي، لأنّ معدل ارتفاع الأسعار أكبر بكثير من هذه الزيادة، وهي لا يمكن أن تشكل أي أثر على قدرة المواطن على تأمين السلع الأساسية.

ورأى أنّ "الهدف الحقيقي لهذه الزيادة، ضخ السيولة في السوق، لأن السوق بحالة اختفاء كبير في السيولة من العملة السورية بسبب التشديد الكبير على مسألة التعامل بالدولار، حتى إن شركات الصرافة لا تجد لديها سيولة من العملة السورية لتسليم الحوالات المالية"، موضحاً أنّ كبار التجار والأثرياء قاموا أيضاً بتجميد السيولة من العملة السورية لاقتناص الفرص، سواء عبر شراء عقار أو شراء دولار.

وأضاف أنه عند زيادة الأجور بمقدار 25%، سيضطر القطاع الخاص إلى الزيادة بكتلة رواتب الموظفين والعاملين، ما سيؤدي إلى ضخ كمية من السيولة السورية قد تدفع الحركة في السوق.

وأردف: "يجب ألّا ننسى أن هناك كميات هائلة من العملة السورية مختفية والحكومة لا ترغب في طباعة كميات جديدة من العملة، وإنما تحريك السوق"، مشيراً إلى أن الأموال مجمدة لدى القطاع الحكومي في ظل صعوبة الاستيراد والعقوبات.

بالنتيجة... هل حان الوقت لزيادة الرواتب؟

في الواقع إن الإقرار بأن الوقت قد حان لزيادة الرواتب هو بديهي لأقصى درجة، فالجميع يعرف أن الرواتب يجب أن تزيد عدة أضعاف حتى تؤمّن للمواطن حياة كريمة بالحد الأدنى. لكن المشكلة الأكبر هي فيما يأتي وراء هذا السؤال، فهل ستكون الخزينة الحكومية قادرة على احتمال أي زيادة في الرواتب، وهل الزيادة التي قد تطبق ستكفي لسد الهوة الكبيرة التي خلفها انهيار القدرة الشرائية للعملة السورية؟

في هذا السياق يعرض أحد الخبراء رأيه في الأمر قائلاً: " من المستحيل بالنسبة للحكومة أن تستطيع تطبيق أي زيادة على الرواتب قادرة على مجاراة التضخم الذي حدث خلال العام الماضي، ولا يمكن تفسير تلكؤ الحكومة عن استخدام الورقة الرابحة التي دائماً ما استخدمتها عند نفاذ صبر الشعب إلا كدلالة على شرخ اقتصادي مخيف في البلد."

في الواقع إن زيادة الرواتب من عدمها ليست هي مشكلة الاقتصاد السوري، لكن المشكلة أن ما يحدث في سورية هو عجز الحكومة عن توفير السيولة في أيدي الناس، ولا هي بعدم توفيرها للسيولة تستطيع توفير الدعم وتثبيت الأسعار.