لا للذهب نعم للفضة... لماذا يكره زعيم المستثمرين وارن بافيت الذهب ويحذر منه دائمًا؟

من المعروف عن الملياردير الأميركي والمستثمر العبقري "وارن بافيت"، حبه الشديد للاستثمارات طويلة الأجل في أسواق ‏الأسهم منذ نعومة أظفاره، لكنه لا يستثمر في الذهب، وهذا لا يعني أنه لا يحبذ ‏المعادن النفيسة، بل إنه يستثمر نحو مليار دولار في الفضة التي يعتبرها البعض أقل قيمة من المعدن الأصفر.

لماذا يكره وارن بافيت الذهب ويحب الفضة؟

يفسر "بافيت" عدم تفضيله للاستثمار في الذهب وحماسته الشديدة تجاه الفضة بأن ذلك ‏ينبع من مبادئه الأساسية بشأن الاستثمار في القيمة. ‏

فقد كان "بافيت" صريحاً وواضحاً بشأن عزوفه عن الاستثمار في الذهب، لأنه يرى ‏ببساطة عدم وجود قيمة في الذهب، فمن وجهة نظره أن نقص القيمة ينتج عن ‏نقص الفائدة. وقال ذات مرة عن الذهب: "إنه لا يفعل شيئًا سوى الجلوس هناك ‏والنظر إليك."‏

ومن بين المبادئ الأساسية لـ "بافيت" في الاستثمار هو أن الشخص عليه الاستثمار في ‏الأشياء المفيدة التي تخدم غرض معين وتوفر احتياجات عملية وحقيقية للناس.‏

وعند تطبيق هذا المبدأ على الفضة، فإن "بافيت" يرى في هذا المعدن أهمية ‏واستخدامات لأغراض طبية وصناعية عديدة.‏ في الطب على سبيل المثال، تُستخدم الفضة في الضمادات والقسطرة وكعامل شفاء ‏للحروق والحالات الصحية الأخرى، وكذلك في تنقية المياه. ‏

وفي الصناعات الإلكترونية، تعد الفضة أفضل موصل معدني للكهرباء ولا تتآكل، ‏لذا فهي تستخدم على نطاق واسع في الأسلاك والأجزاء المتصلة وأجهزة الكمبيوتر ‏والهواتف المحمولة والكاميرات حتى أنها تستخدم في تغليف أقراص ‏DVD‏ لأنها ‏مقاومة للخدش.‏

إذاً، فإن الفضة تلبي متطلبات "بافيت" للحصول على قيمة حقيقية ومحددة، بل إن ‏الفضة من وجهة نظر المستثمر الأميركي مناسبة بشكل فريد لعدد من الاستخدامات ‏التي تعمل بها كمعدن صناعي وسيكون من الصعب استبدالها بأي مادة بديلة.‏

بالاتجاه المقابل، فإن الذهب، لا يلبي متطلبات "بافيت"، فبرغم استخدامه في بعض التطبيقات ‏الصناعية، إلا أنه من الممكن الاستغناء عنه في كثير من الأحيان.‏

ويرى "بافيت" أنه يُصنع من الذهب مجوهرات جميلة، لكنه إلى حد كبير بدون استخدامات عملية، فالسلعة المعدنية التي تتألق في عينيه هي الفضة وليست الذهب.‏

الرأي الآخر:

إن رأي "بافيت" هذا لا يقنع الكثير من الناس الذين يحتجون بأن الذهب ليس أصلًا ماليًا حديثًا ولم يكتسب قيمته البارحة، بل هو مخزن للقيمة على مر تاريخ البشرية. ويؤكد أصحاب هذا الرأي أن تراجع الذهب من المقدمة إلى الخلفية في عصرنا الحالي سببه الرئيس هو "النظام الرأسمالي المعطوب والقائم على التكسب الجشع وخلق الأموال من العدم".

ويتحدث معارضو "بافيت" في هذا الصدد أيضًا، أن الرجل يستخدم يوميًا الأوراق المالية الحكومية التي هي بدورها لا تحمل أي قيمة ولا تشكّل أي استثمار إلا مؤقتًا عند رفع الفائدة بشكل شديد؛ أما الذهب فهو ليس سلعةً فقط بل إنه يمتلك اعترافًا يجعله يكون نقدًا ومالًا لو سمح الوضع، لذا فإن محاكمة الذهب كسلعة والنظر فقط إلى استخداماته كمعدن، سيكون ظلمًا لوظيفته الأساسية على مر التاريخ.