فساد عابر للحدود... تفاصيل جديدة بخصوص فضيحة الحوالات اللبنانية المشبوهة للعراق
بعد مضي أسبوع على قرار المركزي العراقي بوقف جميع التعاملات بين البنوك اللبنانية والمؤسسات والمصارف المالية العراقية، إثر اكتشاف شبهات فساد كبيرة، كشفت مصادر في بغداد عن آخر ما توصلت إليه نتائج التحقيق الذي تجريه هيئة النزاهة العراقية، وكمية المبالغ المالية المسحوبة فعلا.
وتتلخص عمليات الفساد المصرفي في قيام شركات وشخصيات عراقية ولبنانية بنقل حساباتهم في البنوك اللبنانية المتعثرة إلى فرعي مصرفي الرافدين والرشيد الحكوميين العراقيين في بيروت، بغية سحب المبالغ من خلالهما، في عملية تحايل يتورط فيها موظفون ومسؤولون مصرفيون عراقيون.
تفاصيل جديدة بخصوص فضيحة الحوالات اللبنانية المشبوهة للعراق:
في هذا الصدد، نقلت صحيفة "العربي الجديد" عن مسؤول عراقي لم تذكر اسمه، أن "التحقيقات الحالية تؤكد وجود شبهات فساد كبيرة وخطيرة تتضمن عملية نقل أرصدة بدون رصيد من البنوك اللبنانية المتعثرة إلى العراقية، بمعنى نقل النزاع المالي بين المودع والبنك اللبناني المتعثر إلى ما بين المصارف العراقية الحكومية وبنوك لبنان المتعثرة".
وأضاف المسؤول أن"عملية الفساد هذه تتورط فيها شخصيات سياسية عراقية وأشخاص من فصائل مسلحة ضغطت لتمرير هذه التعاملات، ونخشى أن المبلغ الذي سيتم اكتشافه في النهاية كبير".
وشرح بالقول: "هناك شركات ومستثمرون عراقيون ولبنانيون لديهم أموال في بنوك متعثرة ولا تقدر على دفعها لهم، قاموا بترتيب غير قانوني بالتواطؤ مع مسؤولين، لنقل أرصدتهم الموجودة في تلك البنوك إلى فروع مصرفي الرافدين والرشيد الحكوميين في بيروت، ومن ثم استلام المبالغ منها، بمعنى أن المصرف يفترض أن يتسلم لاحقا المبالغ من البنوك اللبنانية مع العمولة، لكن البنوك ليس لها أي قدرة على الدفع، ما يعني نقل النزاع المالي مع بنوك مفلسة".
وحول المبالغ المنقولة، قال: "حتى الآن نتحدث عن عشرات ملايين الدولارات نفذت منذ أزمة لبنان المالية قبل عدة سنوات".
أما عضو لجنة النزاهة في البرلمان العراقي "هادي السلامي"، فقال للصحيفة إن "صفقة فساد في لبنان حصلت وننتظر إجراءات التحقيق من قبل هيئة النزاهة".
وأضاف أن "جهات وشخصيات متنفذة متورطة في القضية مع مسؤولين في مصرف الرافدين، بهدف نقل أموال بشكل غير حقيقي وعلى الورق فقط"، موضحاً أن "تحرك هيئة النزاهة أفشل عملية نقل مبالغ أكبر، وهناك تحقيقات تجري مع عدد من المتهمين في هذه القضية".
تورط جهات حكومية:
اتهمت "عالية نصيف"، النائبة عن ائتلاف "دولة القانون"، مدير عام في وزارة الخارجية بالتورط في القضية. وقالت في بيان لها إن "مناقلة أموال من مصارف متلكئة في لبنان إلى مصرفي الرافدين والرشيد، يتورط فيها مدير عام بوزارة الخارجية".
وأوضحت أنه تم رصد مناقلتين ماليتين أخيرا لهذا المسؤول: الأولى بواقع (مليون و250 ألف دولار) والثانية بـ(مليونين و500 ألف دولار) وهناك تحقيقات في محكمة قضايا الفساد بالكرخ في بغداد.
من جانبه، قال عضو اللجنة المالية في البرلمان "مصطفى سند"، في توضيح مكتوب له إن عملية الفساد المتعلقة بنقل أرصدة البنوك اللبنانية المتعثرة "لم تكتمل".
وأضاف أنه "كان من المفترض سحب من 10 إلى 18 مليار دولار بشكل شرعي بذكاء محاسبي قانوني، لكن تم إيقاف العمليات بعد أول مليوني دولار، بفضل الشبكة النظيفة المنتشرة في كل مكان"، دون أن يذكر مزيداً من التفاصيل الأخرى.
عملية فساد ضخمة وكبيرة في لبنان:
قال الخبير الاقتصادي والمالي "عبد الرحمن المشهداني" لـ"العربي الجديد"، إن "تحرك هيئة النزاهة حول قضية التحويلات المشبوهة، يؤكد أن هناك عملية فساد ضخمة، فالهيئة لا تتحرك إلا من خلال معلومات تؤكد وجود شبهات فساد مالية كبيرة وخطيرة".
وبيّن "المشهداني" أن "المعلومات المتوفرة تؤكد أن عملية نقل الأموال من مصارف لبنانية إلى مصرف الرافدين الحكومي العراقي تمت عبر الورق فقط، وليس هناك نقل للأموال بشكل حقيقي".
وأضاف: "الأمر يدعو إلى فتح تحقيق في مختلف القضايا، وأولها كيف خرجت هذه الأموال الكبيرة، ومن هي الجهات والشخصيات المتورطة في هذه العمليات، خصوصاً أن هذه الأموال لعمليات فساد وسرقات وغسل للأموال، وكل هذه القضايا متورطة فيها جهات وشخصيات متنفذة داخل العراق".
سرقة القرن:
كان مصرف الرافدين قد اتهم بما بات يعرف بـ"سرقة القرن"، البالغة 2.5 مليار دولار، والتي سرقت عبر سلسلة من الإجراءات وإصدار الصكوك من هيئة الضرائب العامة، ودافع المصرف في حينها عن موقفه، وأكد أنه لا علاقة له بأية عمليات تلاعب أو سرقة يجري الحديث عنها، وأن مهمته كانت قد انحصرت في صرف صكوك الهيئة العامة للضرائب من فروعه بعد التأكد من صحة صدورها بكتب رسمية بين المصرف والهيئة.
وتحتجز المصارف اللبنانية أموال المودعين لديها من الجنسية العراقية، والتي تقدر بعدة مليارات من الدولارات منذ عام 2019، وتفرض قيودا مشددة على السحوبات، ولاسيما بالعملات الأجنبية، إثر الأزمة المالية التي تعصف بالبلاد.