البنك الدولي يصدر أحدث تقاريره بخصوص اقتصاد ومصارف لبنان
أصدر البنك الدولي مؤخرًا تقرير "مرصد الاقتصاد اللبناني" بعنوان "حان الوقت لإعادة هيكلة القطاع المصرفي على نحو منصف"، عدد خريف 2022.
وقد تناول التقرير "التطوُّرات الاقتصادية الأخيرة والآفاق والمخاطر الاقتصادية للبلاد في ظل حالة عدم اليقين المستمرة منذ فترة طويلة، وذلك كله مع التأكيد على ضرورة المضي قدماً في توزيع الخسائر المالية بصورة أكثر إنصافا للمساعدة في وضع الاقتصاد اللبناني على مسار التعافي".
تقرير البنك الدولي بخصوص لبنان:
أشار التقرير، الذي نشر على الموقع الالكتروني للبنك الدولي، الى أنه "بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على نشوب أسوأ أزمة اقتصادية ومالية في تاريخ لبنان، لا يزال الخلاف بين الأطراف المعنية الرئيسية حول كيفية توزيع الخسائر المالية يمثل العقبة الرئيسية أمام التوصل إلى اتفاق بشأن خطة إصلاح شاملة لإنقاذ البلاد. ومن المرجَّح أن يؤدي الفراغ السياسي غير المسبوق إلى زيادة تأخير التوصل لأي اتفاق بشأن حل الأزمة وإقرار الإصلاحات الضرورية، مما يعمِّق محنة الشعب اللبناني".
وتشير التقديرات الواردة في التقرير إلى انكماش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي بنسبة 5.4 في المئة في عام 2022، بافتراض استمرار حالة الشلل السياسي وعدم تنفيذ استراتيجية للتعافي. ونظراً لتوفُّر بيانات أفضل مما كان متوقعا سابقاً، فإن التقرير يعدِّل تقديراته لانكماش إجمالي الناتج المحلي الحقيقي لعام 2021 إلى 7 في المئة (مقابل نسبة 10.4 في المئة المقدرة سابقاً).
وقد قضى الانكماش في الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي الذي شهده لبنان منذ عام 2018 والبالغ 37.3 في المئة، وهو يُعد من بين أسوأ معدلات الانكماش التي شهدها العالم، على ما تحقق من نمو اقتصادي على مدار 15 عاماً، بل ويقوض قدرة الاقتصاد على التعافي.
ورغم تدخلات مصرف لبنان لمحاولة تثبيت سعر الصرف في السوق الموازية على حساب الاحتياطي بالعملات الأجنبية الآخذ في التناقص، فإن الانخفاض الحاد في قيمة الليرة اللبنانية مستمر (145 في المئة خلال الأشهر العشرة الأولى من عام 2022) مما أدى إلى دخول معدل التضخم في خانة المئات منذ تموز 2020 ويُتوقَّع أن يبلغ متوسطه 186 في المئة في عام 2022، وهو من بين أعلى المعدلات عالمياً.
تعويم القطاع المالي في لبنان... أمر غير قابل للتطبيق:
يرى التقرير أنه مع زيادة الخسائر المالية عن 72 مليار دولار أميركي، أي ما يعادل أكثر من ثلاثة أضعاف إجمالي الناتج المحلي في عام 2021، فإن تعويم القطاع المالي بات أمراً غير قابل للتطبيق، نظراً لعدم توفر الأموال العامة الكافية لذلك؛ فأصول الدولة لا تساوي سوى جزء بسيط من الخسائر المالية المقدَّرة، كما لا تزال الإيرادات المحتملة من النفط والغاز غير مؤكَّدة ويحتاج تحقيقها سنوات.
ويفتقر تعويم القطاع المالي إلى الإنصاف كذلك؛ فمن شأن مطالبة عامة المواطنين بتعويض المساهمين في البنوك والمودعين الأثرياء، أن تؤدي إلى إعادة توزيع الثروة من الأسر الأفقر إلى الأسر الأغنى. فعلى أي عملية إعادة هيكلة ذات مصداقية أن تعتمد مبادئ الإنصاف والعدالة لضمان حماية دافعي الضرائب وصغار المودعين الذين تحملوا حتى الآن وطأة هذه الأزمة.
وتعليقاً على ذلك، قال المدير الإقليمي لدائرة المشرق في البنك الدولي: "إن عمق الأزمة واستمرارها يقوضان قدرة لبنان على النمو، إذ يجري استنفاد رأس المال المادي والبشري والاجتماعي والمؤسسي والبيئي بسرعة، وعلى نحو قد يتعذر إصلاحه. كما دعونا مراراً وتكراراً، على لبنان اعتماد حل منصف وشامل على وجه السرعة يعيد الاستقرار للقطاع المالي ويضع الاقتصاد على مسار التعافي."