هل يستطيع لبنان الاستفادة من نفط وغاز المتوسط فعلًا؟ تفاصيل خطيرة منسية
رغم إتمام صفقة ترسيم الحدود بين لبنان وإسرائيل، لا تزال الأخيرة على أرض الواقع تمتلك مفتاح انطلاق مرحلة البدء في استكشاف البلوك رقم "9" الحدودي مع لبنان، الأمر الذي يجعلها صاحبة القرار في موعد استفادة لبنان من غازه.
وتشير المعلومات إلى أن شركة "توتال" الفرنسية التي تدير تحالف الشركات الدولية المستثمرة في الحقل اللبناني، تنتظر الاتفاق النهائي التفصيلي مع إسرائيل وتحويل عائداتها المالية التي ستعوضها "توتال" من استثمارها في حقل قانا، بالتالي لن تبدأ العمل قبل إتمام الترتيبات المالية مع إسرائيل.
وربط إتمام الترتيبات المالية مع تل أبيب ببدء مرحلة الاستكشاف يعطي انطباعاً بأن إسرائيل ستحصل على معلومات حساسة حول حقول البلوك رقم "9" يفترض أن تكون ملكاً للدولة اللبنانية.
وإضافة إلى كون إسرائيل حصلت على "صك" ملكيتها لحقل "كاريش"، وانضمت إلى جانب قبرص ومصر ببدء تصدير الغاز إلى أوروبا، فقد لا تستعجل إبرام الاتفاق التفصيلي مع "توتال"، خصوصاً أنها ستنتظر حسم هوية الشركة الثالثة التي ستنضم إلى التحالف مكان شركة "نوفاتيك" الروسية، ما يضع لبنان على قارعة الطريق بانتظار الإشارة الإسرائيلية.
إسرائيل تقرر:
تشير الفقرة "هـ" من الاتفاق المبرم بين لبنان وإسرائيل إلى حق التفاوض المباشر بين تل أبيب و"توتال" من دون العودة إلى لبنان، إذ ينص البند الأول من هذه الفقرة على أن "إسرائيل ومشغل البلوك رقم 9 يخوضان بشكل منفصل نقاشات لتحديد نطاق الحقوق الاقتصادية العائدة لتل أبيب من المكمن المحتمل". وهذا يعني أن إسرائيل شريكة في هذا المكمن ولها حقوق اقتصادية من دون تحديد أو شرح ماهية هذه الحقوق، إنما ترك هذا الموضوع ليحدد لاحقاً.
اما البند الثاني فيقول إن "إسرائيل ستعقد مع مشغل البلوك رقم 9 اتفاقية مالية قبيل اتخاذ المشغل قرار الاستثمار النهائي". وهذا يعني أن هذا الاتفاق سيعقد بعد إتمام عملية الحفر وتقييم المكمن التي قد تحتاج إلى ما بين سنة وسنتين.
وعلى رغم ذلك تشير المعلومات إلى أن فرنسا وأميركا هما ضمانتان لمنع إسرائيل من تأخير الاتفاق، إذ تؤكد مصادر مواكبة للترسيم أن "توتال" بدأت استدراج عروض لسفينة حفر ستدخل إلى البلوك "9" في الربع الأول من عام 2023.
ولتكفل إسرائيل مصلحتها، فإن عمليات الاستكشاف والحفر التي قد تجري جنوب الخط رقم "23" ستجري "وفقاً للقوانين والأنظمة الإسرائيلية"، كما ورد في الاتفاق.
وفي موازاة ذلك على لبنان أن يحسم آلية تصدير الغاز إلى الأسواق العالمية، لا سيما أن متخصصين في النفط يعتبرون أن الخيار الأنسب يكون عبر خط الغاز العربي الذي تدور حوله حالياً نقاشات حول إمكانية أن يحصل لبنان منه على الغاز المصري لإنتاج الكهرباء، إذ بالإمكان لاحقاً إعادة توريد الغاز إلى المنشآت المصرية.
ثروة لا يستهان بها:
أشار المتخصص في دراسات النفط والغاز "فادي جواد" إلى أن المسوحات التي أجريت خلال السنوات الـ20 الماضية قدرت كمية الغاز في الحوض الشرقي للبحر الأبيض المتوسط بنحو 120 إلى 130 تريليون قدم مكعبة، وحصة لبنان منها بنحو 32 تريليون قدم مكعبة، موضحاً أن الأرقام هي تقديرية.
وقال إنه بناءً على تقديرات أولية أجريت عام 2018 وفق سعر الغاز في حينها، كانت تبلغ الثروة الغازية للبنان نحو 180 مليار دولار، والثروة النفطية نحو 40 مليار دولار، بالتالي الثروة بمجملها كانت تقدر بنحو 220 مليار دولار.
وتابع أنه مع صعود سعر الغاز بنسبة 400 في المئة، في وقت كان سعر المليون وحدة حرارية للغاز التي كانت تبيعها روسيا لأوروبا خمسة دولارات، بات سعرها 65 دولاراً الآن، من هنا يمكن فهم حجم ارتفاع أسعار الغاز عالمياً، بالتالي ارتفاع قيمة ثروة لبنان الغازية التي باتت تقدر حالياً ما بين 500 و600 مليار دولار.