التضخم والغلاء يخرج عن السيطرة في لبنان... ارتفاعات مستمرة بلا رادع

تزداد المخاوف في لبنان من خروج الأوضاع عن السيطرة بشكل أكبر من المتوقع، مما يوسع الفجوة بين الطبقات الاجتماعية وخاصة الفقيرة، التي لا تزال تترقب بفارغ الصبر إحداث اختراق سريع في جدار الأزمة. ذلك بينما تسارعت وتيرة التضخم السنوي في لبنان مدفوعا بزيادة أسعار الغذاء وتكاليف الطاقة ليبلغ مستويات قياسية غير مسبوقة.

التضخم يفترس جيوب اللبنانيين:

واصلت أسعار الاستهلاك قفزاتها بشكل مقلق ليسجل المؤشر ارتفاعا في شهر أكتوبر/ تشرين الأول الماضي بمقدار 14.56 في المئة قياسا بالشهر السابق، بحسب بيانات نشرتها إدارة الإحصاء المركزي الاثنين.

وأشارت إدارة الإحصاء في بيان نشرته وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية إلى أن مؤشّر أسعار الاستهلاك لشهر أكتوبر/ تشرين الأول 2022 سجل ارتفاعا وقدره 158.4 في المئة على أساس سنوي.

ويرجع خبراء في اتخاذ الأسعار مسارا صعوديا إلى المشاكل الداخلية المتعلقة بشح الدولار وأيضا أزمات خارجية ولعل أبرزها تداعيات الحرب في أوكرانيا على الاقتصاد العالمي مما زاد من التكاليف في الشحن والإنتاج.

وتسببت الأزمة بهبوط تاريخي في قيمة العملة المحلية الليرة مقابل الدولار، وتراجع حاد في احتياطي مصرف لبنان المركزي، فيما فرضت البنوك قيودا قاسية على الودائع بالعملات الأجنبية، كما وضعت سقوفا على السحب بالعملة المحلية.

حتى أرقام الحكومة المخيفة لا تعبر عن الواقع:

يرى البعض أن المعدل الفعلي للتضخم الذي تعلنه الحكومة غير دقيق وقد يكون أكبر من ذلك بكثير لأن مجموعة واسعة من السلع وأغلبها مدعوم مثل الأدوية تقتصر تجارتها في السوق السوداء بفعل نقص المنتجات واحتكارها من قبل اللوبيات والتجار.

كما أن تكاليف النقل بفعل الزيادات المتواترة في أسعار الوقود ارتفعت بشكل كبير لدرجة أن باتت حكرا على عدد قليل من الناس، مما يجعل الفجوة تتسع بين الطبقة الفقيرة التي انضمت إليها الطبقة المتوسطة، وطبقة الأثرياء.

ويشهد لبنان المثقل بالديون ارتفاعا حادا في غلاء المعيشة منذ أكتوبر/ تشرين الأول عام 2019، ويصفها المحللون بأنها الأسوأ منذ عقود، وتقدر الأمم المتحدة أن قرابة 40 في المئة من السكان يعيشون في حالة من الفقر المدقع.

وكان لبنان في السابق يعد من بين البلدان متوسطة الدخل، إلا أن تراكم الأزمات جعله إحدى الدول في المنطقة العربية التي باتت تعتمد على المساعدات الخارجية التي بالكاد تكفي لنصف سكان البلد البالغ تعدادهم ستة ملايين نسمة.

وفاقم تقنين القطاع المصرفي للسحب النقدي بالدولار والليرة التي انهارت هذا العام وفقدت أكثر من 50 في المئة من قيمتها من متاعب الكثير من الأسر. وحل لبنان في المركز الثاني عالميا على مؤشر البنك الدولي لتضخم أسعار الغذاء بنسبة 240 في المئة بعد زيمبابوي في المركز بنسبة 353 في المئة.

ولفت البنك في تقرير نشره مؤخرا إلى أن “منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف) أصدرت تقريرا يحذر من أن انعدام الأمن الغذائي الحاد يهدد أكثر من 58 مليون شخص في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا”. وأظهر تقرير يونيسيف أن قرابة 29.5 مليون طفل في لبنان والسودان وسوريا واليمن يعانون من الجوع بسبب الصراع المتصاعد في المنطقة.