أرقام مليونية تصل لها إيجارات المنازل في سوريا وسط عشوائية ومزاجية في التسعير
تسجل إيجارات المنازل في سوريا اليوم أرقامًا قياسية وغير مسبوقة، إذ نراها في تصاعد مستمر، تحكمها المزاجية والعشوائية وعوامل العرض والطلب، والقرب من مركز المدينة، فلكل منطقة أسعارها وراغبوها، لنرى تفاوتًا كبيرًا وأرقامًا يصفها البعض بـ "الخيالية" في مناطق عديدة.
على سبيل المثال، في المناطق المنظمة أصبح رائجاً أن يصل إيجار المنزل إلى مليون ليرة شهرياً كحد أدنى من دون فرش، وبعضها ممن تصنف على أنها راقية قد يصل إلى خمسة ملايين شهرياً وربما يتجاوز هذا الرقم بكثير في بعضها الآخر. أما المستغرب فهو أن يصل إيجار المنزل في مناطق المخالفات إلى ما يقارب مليون ليرة.
إيجارات المنازل في سوريا... ما الذي يحدث؟!
يشرح "حافظ برهوم"، وهو صاحب مكتب عقاري في منطقة “المزة 86”، أن هناك إقبالاً شديداً على حركة الإيجار في المنطقة وخاصة مع بداية العام الدراسي الجامعي، لكونها مقصد عدد من طلاب الجامعات القادمين من المحافظات، وهذه الكثافة تقابلها قلة في عدد المعروض من المنازل، ما يؤدي إلى ارتفاع الإيجارات، فيما تكون أرخص بعد انتهاء فترة الامتحانات.
وبالأرقام؛ تبدأ الإيجارات لغرفة من دون فرش من 150 إلى 200 ألف ليرة، ومع فرش بين 200-250 ألفاً، أما المنزل المكون من غرفة وصالون فيتراوح إيجاره من دون فرش بين 200 و400 ألف ليرة ويمكن أن يصل إلى 800 ألف إذا كان مفروشاً.
وهناك إيجارات تصل إلى المليون ليرة إذا كان المنزل على أطراف المنطقة وبمواصفات جيدة، حسب قربه من المناطق المنظمة وحسب ارتفاع الشقة وإكسائها.
ويرى "برهوم" أن هذه الإيجارات مرتفعة ولكن لكون المنزل ملكاً شخصياً فلا قدرة لأي جهة على تثبيت الإيجار ولا إعطاء رقم ثابت لأنّ ذلك يخضع لمواصفات الشقة وفرشها.
ضرائب البلدية والمالية تفاقم المشكلة:
يؤكد صاحب مكتب عقاري في منطقة “حي الورود” بدمّر، أن الإيجارات مرتفعة وغير مقبولة خاصة منذ سنتين، بعد أن أصبح تأجير المنزل يحتاج معاملة من المالية والبلدية ترتّب مبالغ على صاحب المنزل، يضاف إليها إيجار شهر يعود لصاحب المكتب العقاري، بينما في السابق كان الأمر يحتاج ورقة من مختار الحي فقط.
وأشار إلى أن هناك استغلالاً من أصحاب المنازل للمستأجر المضطر حسب العرض والطلب، فمثلاً قد يصل إيجار البيت غير المفروش المكوّن من غرفتين وصالون وبإكساء عادي بين 500 إلى 600 ألف ليرة ويصل إلى أكثر من ذلك إذا كان المنزل مفروشاً، علماً أن نوعية الفرش تكون أقل من عادية وليست ذات جودة.
ليس ارتفاعاً بل انخفاض بالقدرة الشرائية:
يبيّن الخبير الاقتصادي الدكتور "عمار يوسف"، في حديثه لصحيفة حكومية، أن ما يحصل ليس ارتفاعاً بأسعار الإيجارات وإنما هو انخفاض بالقدرة الشرائية لليرة السورية، بمعنى؛ كان المؤجر صاحب المنزل يؤجّر منزله بمبلغ ما يمكّنه من شراء كمية معينة من المواد أو سلة غذائية محددة، أما اليوم فلم يعد هذا المبلغ يشتري ربع هذه السلة وبالتالي يضطر لمضاعفة الإيجار ليشتري نصفها وفي السنة التي تليها يضطر للمضاعفة أيضاً.
ويرى "يوسف" أنه على العكس إذا ما قارنّا الإيجار القديم للمنزل أيام زمان مع أسعار اليوم نجده أرخص من السابق نسبة للقدرة الشرائية ونسبة لما كان يمكن شراؤه في هذا الإيجار.
ولكن اليوم حتى مع هذا الارتفاع في الإيجارات لم يعد باستطاعة المؤجّر أن يشتري بالمبلغ كما في السابق، إذاً فهو ارتفاع وهمي لا أكثر ولا أقل والمشكلة في انخفاض القدرة الشرائية لليرة.
مشكلة خارجة عن السيطرة:
يشير الخبير الاقتصادي إلى أنه لا يمكن السيطرة على سوق الإيجارات أو ضبطها لأن العقد شريعة المتعاقدين، وإذا كانت أي جهة ستلزم صاحب المنزل بالتأجير بسعر معين فمن الممكن أن يرفض التأجير وبذلك ستتولد مشكلة أكبر من المشكلة الأولى وهي عدم وجود بيوت للإيجار، فأين سيذهب الناس؟
وعن ارتفاع الإيجارات الذي تشهده مناطق المخالفات يقول "يوسف": "المعيار في انخفاض أو ارتفاع أسعار الإيجارات في هذه المناطق هو القرب من المدينة وسهولة وجود الخدمات من مياه وكهرباء ومواصلات، وتختلف حسب مساحة البيت وفرشه وارتفاعه وإكسائه ويستحيل ضبط وتنظيم موضوع الإيجارات من أي جهة في الدولة".