لماذا لا تستخرج سوريا نفطها وغازها من البحر المتوسط كما تفعل لبنان؟

على الرغم من محاولتها إجراء مسوحات بالتنسيق مع شركة نرويجية عام 2005، ومنحها بالسنوات القليلة الماضية حق التنقيب لشركات روسية، ما تزال سوريا عمليًا خارج معادلة التنافس الدولي في التنقيب على النفط ضمن المياه الإقليمية في البحر المتوسط.

وبخصوص هذا الموضوع، تحدثت مصادر محلية معنية بالأمر لموقع "أثر برس" المحلي، وقالت إنّ "التأخر في التنقيب عن النفط في المياه الإقليمية السورية سببه العقوبات الاقتصادية الغربية التي تمنع شركات التنقيب مالكة التكنولوجيا اللازمة من التواصل مع سوريا؛ لأن حفر أي بئر دون مسوحات دقيقة، سيؤدي إلى خسائر مالية كبيرة تصل إلى مئات مليارات الليرات السورية".

وأضاف مصدر من وزارة النفط للموقع أن "التقنيات المستخدمة حالياً لدى شركات التنقيب هي تقنيات غربية تمتلكها شركات فرنسية ونرويجية وأمريكية وغيرها، وهذه الدول لا تسمح لأي شركة تنقيب بإجراء أي مسوحات في المياه الإقليمية السورية بسبب العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة على البلاد".

وأردف المصدر: "حتى أنّ الدول الحليفة كالصين وروسيا لديها شركات تنقيب ولكن أيضاً شركاتها تعتمد على التقنيات الغربية وهذا سيبعدها عن المغامرة في الدخول بالمياه الإقليمية السورية لإجراء المسوحات المطلوبة قبل الحفر".

وفي هذا السياق، سبق أنّ أكّد وزير النفط والثروة المعدنية "بسام طعمة"، أنّ عمق المياه السورية يصل إلى نحو ألفي متراً، فيما هو في بعض الدول كفنزويلا وكندا والخليج العربي يتراوح ما بين 40-50 متراً، لذا فإن هناك شركات عالمية قليلة هي التي يمكنها أن تقدم تقنيات تسمح بإجراء مسح دقيق لهذه المناطق والقيام بعمليات استكشاف وحتى عند محاولة الإنتاج.

تكاليف كبيرة لا تبدو الحكومة مستعدة لتحملها:

أوضح المصدر أن إجراء المسوحات هو الخطوة الأولى بعملية التنقيب، ولا يمكن أنّ يتم الحفر إلا بعد نجاح المسوحات التي ستحدد موقع الحفر اللازم بدقة؛ لأن تكلفة الحفر كبيرة جداً، وفي حال تم الحفر دون أن تكون هناك دراسات دقيقة هذا يعني خسارة كبيرة تصل إلى مئات المليارات لكل بئر.

وحول التكاليف التقريبية لحفر بئر بحري أكّد أن تكلفة حفر بئر في المياه الإقليمية يحتاج إلى عمل يومي مستمر ما يزيد عن ثلاثة أشهر، وبتكلفة يومية تصل إلى مليون دولاراً يومياً أي ما يقارب 100 مليون دولاراً التكلفة الإجمالية لحفر البئر الواحد.

وأردف قائلًا: إن “التكاليف الكبيرة تعني أنّ الدراسات أي المسوحات اللازمة يجب أن تكون دقيقة لحفر بئر ناجح لأن حفر بئر غير منتج (فاشل) يعني خسارة ما يصل إلى 100 مليون دولاراً تقريباً، وبعملية حسابية -إذا أردنا حساب التكاليف بالليرة السورية- نجد أنّ تكلفة حفر البئر الواحد تصل إلى ما يزيد عن 300 ملياراً إذا ما اعتبرنا سعر صرف الليرة السورية أمام الدولار 3015 ليرة كما هو محدد لدى مصرف سورية المركزي".

وفي مقابلة مؤخراً مع قناة روسيا اليوم مع ضمن برنامج “نيوزميكر” والتي جرت على هامش منتدى “أسبوع الطاقة الروسي” في موسكو، أكّد وزير النفط أن “منطقة شرق المتوسط غنية باحتياطيات النفط والغاز وخاصة الغاز، وقد سبقتنا دول عديدة في مجال التنقيب في هذه المناطق”.

وبيّن "طعمة" أنه جرى في المياه السورية عملية مسح منذ 17 عاماً نفّذتها شركة نرويجية، موضحًا أنّ أي عملية تنقيب يجب أن تسبقها عملية مسح (جيولوجي)، وللأسف قطاع النفط السوري خاضع للعقوبات الأمريكية، التي تتضمن حظر توريد التكنولوجيا، وسوريا الآن بحاجة لتجديد عمليات مسح السيزمي في المياه قبل التنقيب.

وأضاف الوزير: “أي شركة تحاول سوريا التعاقد معها من أجل إجراء المسح يتم تهديدها بالعقوبات، وبالتالي موضع الاستكشاف في البحر المتوسط هو مرهون بإيجاد بدائل للتكنولوجيا الغربية التي يتم حظرها على دمشق، الآن لدينا عقدان في البحر المتوسط مع شركتين روسيتين”.

سوريا والمنطقة فوق بحرٍ من الغاز:

كشفت دراسة أُعدت عام 2010 أن حوض شرق البحر المتوسط، يحتوي على 122 تريليون قدماً مكعب من الغاز الطبيعي، و1.7 مليار برميل احتياطي من النفط، وإن كانت بعض المصادر توقعت أرقاماً أعلى، وفقاً لوكالة “روسيا اليوم”.

ذلك أن التقديرات التي نشرتها هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية، وتقديرات شركات التنقيب عن الغاز في شرق البحر المتوسط، تؤكّد أنّ منطقة حوض شرق المتوسط من أهم أحواض الغاز في العالم، إذ أن المنطقة تعوم فوق بحيرة من الغاز تكفي لتلبية حاجة سوق أوروبا لمدة 30 عاماً، والعالم لمدة عاماً واحداً على الأقل.

وتتمركز المنطقة البحرية الغنية بالنفط والغاز داخل الحدود البحرية الإقليمية لعدد من دول منطقة البحر المتوسط وهي (سوريا وتركيا وقبرص ولبنان ومصر وفلسطين)، إضافة إلى الكيان الإسرائيلي.