المركزي السوري يخرج عن صمته ويشرح سبب تدهور الليرة

اعتبر الدكتور "فؤاد علي"، مدير العمليات المصرفية في مصرف سورية المركزي، سعر الصرف أنه "ميزان الحرارة للجسم الاقتصادي، وعندما يكون هناك خللٌ في الجسم الاقتصادي يكون هناك ارتفاعٌ في سعر الصرف".

ويشرح في معرض حديثه لصحيفة حكومية، سلسلة أسباب داخلية وخارجية يدّعي أنها أثرت في سعر الصرف، منها الأزمات المتعاقبة التي شهدتها الساحتان العالمية والإقليمية خلال العامين الأخيرين، وأثرت بشكل مضاعف في الاقتصاد المحلي وفي سعر الصرف.

ما الذي أضعف الليرة السورية بالنسبة للبنك المركزي؟

بدايةً، يشرح المسؤول في المركزي السوري الخسائر الكبيرة التي تركتها الحرب، والتي "انعكست مباشرةً على سعر الصرف"، مشيراً إلى أن السياحة قبل الحرب كانت على سبيل المثال تدعم الخزينة سنويا بحدود 6 مليارات دولار، حسب أرقام العام 2010، مع وصول ما يقارب 5 ملايين سائح إلى سورية.

ثم يستطرد إلى مشاكل القطاع النفطي "المنهوب حالياً"، معتبرًا أنه كان نقطةً مهمة في الاقتصاد الوطني، والقمح أيضاً "كان يغطي الحاجة المحلية والفائض يذهب الى التصدير، أما اليوم فإن فاتورة النفط والقمح وحدها كافية للتأثير بشكل قوي في الاقتصاد".

شبكات عمليات خارجية ونظرية المؤامرة مجددًا:

بعد تلك المقدمة يتطرق المسؤول إلى "العوامل النفسية" المؤثرة في الليرة، ويردها إلى وجود "مواقع إلكترونية مرتبطة بغرف عمليات خارجية تواظب على بث أخبار وهمية عن سعر الصرف وترويج لأسعار أعلى أو أقل من السعر الحقيقي".

ويتابع "علي" متهمًا هذه المواقع التي لم يسمها بالتحريض على "سياسة القطيع، وبث الشائعات في عملية تلاعب هدفها تحقيق الأرباح لهذه المواقع ولمشغليها، والتي هي في بعض جوانبها شبكاتُ مضاربة".

ويستخدم المسؤول نظرية المؤامرة المعتادة مجددًا، ليتهم "غرف عمليات موجودة في دول الجوار" باستهداف الليرة، موجهًا بذلك وزر الأزمة التي تمر بها العملة السورية إلى الخارج قبل التطرق إلى أيٍ من المشاكل الداخلية المستعصية، والتي "يتعاجز المسؤولون عن حلها" كما يصف البعض.

العوامل الاقتصادية المؤثرة على الليرة:

يشرح "علي" أن العوامل الاقتصادية تتلخص في الإنتاج والتصدير والعرض من القطع الأجنبي، معتبرًا أن "العامل الاقتصادي مرتبط بالحرب مباشرةً، وعمليات التخريب التي دمرت المعامل والمصانع".

ويتابع: "اليوم الأزمة تراكمية، وسعر الصرف هو تراكمي، وهو توازن في العرض والطلب، وعندما يتوازن العرض مع الطلب يتوازن سعر الصرف، أما حالياً ومع تراجع عامل الإنتاج فقد تحولنا إلى الاستيراد، ما أحدث خللاً في الميزان التجاري، وتوسع العجز".

ويتوافق كلام "علي" في هذا الصدد، مع الاتهامات التي يتعرض لها المسؤولون في سوريا وإدارة المركزي خصوصًا، بشأن حرصهم الدائم على التملص من أي مسؤولية وتصدير المشاكل إلى عوامل خارجية مثل الحرب والمؤامرات وغيرها.

ما المطلوب من المصرف المركزي إذن؟

يشدد المسؤول أنه "ليس مطلوباً من المصرف المركزي ضخّ الأموال لتغطية العجز لأن السياسة النقدية هي دائماً سياسة قصيرة الأجل، إذ يتدخل المركزي في سعر الصرف في السوق مدة أشهر أو سنة كحد أقصى، بينما الاقتصاد الحقيقي تتدخل فيه وزارات متعددة معنية كالاقتصاد والزراعة، أي السياسة الاقتصادية الوطنية تتكامل كفريق يدعم بعضُهُ بعضَه الآخر".

ويؤكد علي أن دور المركزي يتركز على "الحفاظ على استقرار سعر الصرف مع عدم خنق الاقتصاد"، ويعطي مثالاً على ذلك بأن المصرف المركزي "يستطيع تحديد سعر صرف الدولار عند حدود معينة، ولكن سنواجه فقداناً لبعض المواد من السوق".

ويتركز دور المركزي أيضًا – بالنسبة للمسؤول – في العمل على تأمين مصادر تمويل القطع الأجنبي لمستوردات القطاع الخاص بموجب قرار لجنة إدارة مصرف سورية المركزي 1070 لعام 2021 وتعديلاته. وذلك إما من خلال شراء القطع الأجنبي عن طريق المصارف العاملة المرخص لها التعامل بالقطع الأجنبي لقاء دفع القيمة المقابلة لليرة السورية، وإما من حسابات المستورد المفتوحة لدى أحد المصارف العاملة محلياً بالقطع الأجنبي، وإما من حساباته في الخارج أو عن طريق منصة التمويل من خلال إحدى شركات الصرافة العاملة.