مفاوضات لبنان مع صندوق النقد الدولي... ما أهميتها وماذا سيحدث لو فشلت؟
بعد ثلاث سنوات منذ بداية المفاوضات بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي من دون إحراز أي تقدم حاسم، بدأت الهواجس لدى المؤسسات الدولية ترتفع بسبب تمادي السلطات اللبنانية في تأخير إقرار التشريعات الإصلاحية التي تشكل حزمة شروط لازمة لإنجاز تقدم حقيقي في ملف اتفاقية البرنامج التمويلي مع صندوق النقد الدولي.
وكانت السلطات اللبنانية وفريق صندوق النقد الدولي قد توصلا إلى اتفاق "تقني" على مستوى الموظفين في أبريل (نيسان) الماضي بشأن السياسات الاقتصادية الشاملة التي يمكن دعمها بترتيب تمويل ممدد مدته 46 شهراً، مع طلب الحصول على 2.1 مليون وحدة حقوق سحب خاصة، أي ما يناهز ثلاثة مليارات دولار.
اتفاق لبنان مع صندوق النقد الدولي... قضية أعمق من مجرد قرض:
تكمن أبعاد الاتفاق مع صندوق النقد الدولي بالنسبة إلى لبنان أبعد من التمويل المتوقع بقيمة ثلاث مليارات دولار، إذ إن الاتفاق سيكون بوابة لإعادة تفعيل مؤتمرات سابقة لدعم الاقتصاد اللبناني، مثل مؤتمر "سيدر" الذي أقر حزمة بـ 12 مليار دولار لدعم مشاريع تنموية والبنى التحتية، إضافة الى استثمارات من صناديق عربية ودولية بقيمة تتجاوز ست مليارات دولار.
وبحسب متخصصين في الشأن الاقتصادي فإن الفشل بالتوصل لاتفاق يضع لبنان أمام خيار وحيد هو التوجه إلى البنك الدولي والدول والمنظمات المانحة والتفاوض على برامج محصورة في الشأن الإنساني ضمن برامج الدول الأكثر فقراً، والتي تهدف إلى البقاء على قيد الحياة ومنع موت المجتمع.
تأخير مقصود ثمنه باهظ:
تؤكد مصادر في مصرف لبنان، كما نقلت صحيفة "اندبندنت عربية"، أن التأخير "المقصود" في الاتفاق مع صندوق النقد يستنزف قدرات البنك المركزي الذي تنخفض احتياطاته بشكل دراماتيكي لأنه يضطر للتدخل عبر تلك الاحتياطات من خلال سلسلة التعاميم التي أصدرها الحاكم "رياض سلامة" خلال السنوات الماضية لضبط السوق قدر المستطاع.
وتشدد على أن تلك الآليات المتبعة هي حلول مؤقتة باتت تشارف على نهاياتها في ظل غياب أي إجراءات سياسية جدية، الأمر الذي يأخذ البلاد في منحى خطر جداً خلال أشهر قليلة.
وتشير المعلومات إلى أن احتياطات المصرف المركزي باتت دون تسع مليارات دولار، علماً أنها كانت بحدود 24 مليار دولار بداية عام 2020، وقد استنزفت نحو 13 مليار دولار خلال العامين الماضيين عبر سياسات دعم السلع والمحروقات في وقت لا يزال الاستنزاف مستمراً بوتيرة أقل بعد رفع الدعم من خلال منصة صيرفة التي تضخ في السوق ما يقارب 250 مليون دولار شهرياً.
معضلة خطيرة في لبنان:
تلفت المعلومات إلى معضلة خطيرة خلال المرحلة المقبلة مع دخول موازنة عام 2022 حيز التنفيذ وما قد تحمله من أرقام تضخمية على الاقتصاد اللبناني، إذ يظهر العجز جلياً بين قيمة النفقات التي حددتها الموازنة بـ40 تريليوناً و873 مليار ليرة لبنانية (نحو 1.2 مليار دولار وفق سعر الصرف بالسوق الموازية البالغ أكثر من 38 ألف ليرة للدولار)، في حين بلغت قيمة الإيرادات 29 تريليوناً و986 مليار ليرة (نحو 810 ملايين دولار).
أي إن العجز ناهز نحو 10 مليارات ليرة (نحو 390 مليون دولار)، بالتالي فقدان السيطرة على سعر صرف الدولار، حيث يشير عديد من الاقتصاديين إلى أن الإيرادات التي تنص عليها الموازنة رقمية وغير قابلة للتحقيق بأكثر من 50 في المئة.