حلول من خارج الصندوق... هكذا تتعامل مصر مع موسم جفاف الدولار لمنع انهيار الجنيه
تعاني مصر، مثلها كمثل باقي الدول النامية، من مخاطر اقتصادية جمة جراء أزمات التضخم العالمي، ويكابد الجنيه المصري الأمرين في الصمود أمام الدولار الذي يتلقى دعمًا متواصلًا من رفوعات الفائدة المتوالية. ولعل أهم ما يثقل كاهل مصر هو ديونها الخارجية الضخمة بالعملة الصعبة.
أمام كل هذه المشاكل فإن تحدي المحافظة على قيمة الجنيه المصري من الانهيار هو تحدٍ عسير، ولن تنفع معه الطرق التقليدية؛ لذلك فإن خبراء ومسؤولي الاقتصاد في مصر توصلوا إلى بعض الحلول، منها ما هو مبتكر وخارج الصندوق...
الاستفادة من إمكانات المغتربين
وافقت الحكومة المصرية على مشروع قانون يسمح لمواطنيها المقيمين في الخارج باستيراد سيارات للاستعمال الشخصي من دون سداد الجمارك والضرائب المقررة في القوانين المختصة، مقابل سداد مبلغ نقدي بالعملة الأجنبية يُسترد بعد 5 سنوات بالجنيه المصري بلا عائد.
سيحول المغتربون المصريون المبالغ المطلوبة إلى أحد حسابات وزارة المالية، إذا أرادوا الاستفادة من القرار الجديد إذا أُقر.
يذكر أن عدد المصريين في الخارج يزيد على 9.5 مليون مصري، بحسب بيانات الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء.
ويشار إلى أن صافي الأصول الأجنبية في مصر هبط 5% إلى سالب 385.9 مليار جنيه (19.7 مليار دولار) في نهاية أغسطس/ آب من سالب 367.8 مليار جنيه (18.8 مليار دولار) في الشهر السابق.
وكان صافي الأصول الأجنبية قد حقّق ارتفاعًا وحيدًا في يوليو/ تموز بواقع 2.27 مليار جنيه (116.1 مليون دولار) بعد تراجع استمر 9 أشهر، بحسب بيانات البنك المركزي المصري.
وفي سبتمبر/ أيلول 2021، قبل بدء التراجع، بلغت قيمة صافي الأصول 248 مليار جنيه (12.6 مليار دولار)، ولكن بعد الحرب الروسية في فبراير/ شباط ازداد القلق لدى المستثمرين، ودفعهم للخروج بالمزيد من استثماراتهم من مصر.
حيث خرجت 22 مليار دولار من سوق الدين المحلي المصري فيما يعرف بـ "المال الساخن" منذ مارس/ آذار الماضي، وتعمل الحكومة على جذب المزيد من الاستثمار الأجنبي المباشر، وتعزيز الصادرات، وزيادة عدد الطروحات العامة الأولية، وطرح حصص للبيع في بعض الأصول لجلب العملات الأجنبية.
تراجع احتياطي النقد الأجنبي في مصر في أغسطس/ آب، ليسجل 33.141 مليار دولار، من 33.143 مليار دولار في يوليو/ تموز، بانخفاض 0.06%، وفقًا لِما أظهرته بيانات البنك المركزي المصري.
لم يتعد التراجع خلال أغسطس/ آب مليوني دولار، إلا أنه يكمل مسيرة انخفاض الاحتياطي الأجنبي في مصر المستمرة منذ عدة أشهر.
وقد ارتفعت تحويلات المصريين في الخارج، وهي مصدر أساسي للعملة الصعبة في مصر، بنسبة 1.6% خلال السنة المالية 2021/ 2022، لتسجل نحو 31.9 مليار دولار مقابل نحو 31.4 مليار دولار خلال السنة المالية 2020 - 2021.
حلول من خارج الصندوق:
تأمل مصر في أن تتمكن من التوصل إلى اتفاق مع صندوق النقد الدولي، خلال مدة تتراوح بين شهر إلى شهرين، كما تدرس خيارات تشمل القروض ميسورة التكلفة من الصين واليابان، حسبما قال وزير المالية المصري، محمد معيط، نهاية الشهر الماضي.
لم تتحدد بعد ملامح البرنامج الجديد لصندوق النقد الدولي، ولا المبلغ الذي ستحصل عليه مصر، لأنه "عادة ما يُحدّد في المرحلة الأخيرة من المفاوضات"، بحسب معيط، الذي رأى في البرنامج رسالة طمأنة وثقة للأسواق الدولية.
قال أستاذ الاقتصاد في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية بجامعة القاهرة "أحمد غنيم"، في حديثه لموقع "فوربس الشرق الأوسط"، إن الإجراء الحكومي الأخير الذي يشمل المصريين في الخارج، يعد فكرة من خارج الصندوق لجلب عملة أجنبية، متوقعًا أن تستمر في هذا النهج عبر تقديم خدمات تملك العقارات وغيرها لمقيميها في الخارج.
ودعا نائب رئيس قسم أسواق المال والنقد في صندوق النقد الدولي "أنطونيو غارسيا باسكال"، مصر إلى اتباع سياسة نقدية أكثر تشددًا للسيطرة على التضخم في مواجهة قوة الدولار.
لكن "غنيم"، يرى أن رفع الفائدة قد لا يساعد في جذب رؤوس أموال من الخارج في أسواق الدين، في حين أنه سيرفع كلفة الدين القائم، وبالتالي، فإن رفع الفائدة لا يعد حلًا ناجعًا، لكنه توقع رفع الفائدة في حال اتجاه الاحتياطي الفيدرالي إلى مزيد من الرفع.
يشار إلى أن الجنيه المصري تراجع أمام الدولار الأميركي من مستوى 18.31 جنيه لكل دولار مطلع أبريل/ نيسان الماضي إلى 19.72، وفق بيانات البنك المركزي المصري.