أزمة العقارات في ألمانيا... نقص وغلاء كبير في شقق الإيجار واللاجئون أول المتضررين

تعاني ألمانيا مؤخرًا من نقص الشقق والمنازل المعروضة للإيجار بأسعار معقولة، ويعد اللاجئون من أكثر الفئات التي تجد صعوبة في إيجاد سكن خاص بسهولة. فالأشخاص الذين تقدموا بطلبات لجوء أو حصلوا عليها، يحصلون على دخل شهري ضعيف.

وأصبح من الشائع أن تجد في شوارع ألمانيا إعلانات مثل: "نحن زوج وزوجة، نبحث عن شقة في جنوب مدينة كولن بمساحة لا تقل عن 70 مترًا مربعًا، مكونة من ثلاث غرف نوم، لدينا دخل ثابت".

هذا النوع من الإعلانات موجود في كل مكان، خصوصًا في شوارع المدن الواقعة في غرب ألمانيا. وغالبًا ما يكون اللجوء لهذه الإعلانات بمثابة ضربة حظ وحل أخير تقوم به بعض الأسر اللاجئة بعد عشرات محاولات البحث الفاشلة عن سكن.

المناطق الأكثر معاناة من الأزمة:

تعد كولونيا، إلى جانب برلين وهامبورغ وميونيخ، واحدة من المدن الألمانية التي تشهد أزمة سكن وندرة منازل الإيجار بأثمنة معقولة.

ووفقًا لدراسة أجريت عام 2019 من قبل Hans Böckler Stiftung، وهي مؤسسة مرتبطة بالاتحاد العام الألماني لنقابات العمال، فإن منطقة شمال الراين - وستفاليا في غرب البلاد، وأيضًا بافاريا وبادن فورتمبيرغ، من بين المناطق التي تعاني من أكبر نقص في الشقق المتوسطة الأثمنة.

في الوقت نفسه، فإن هذه المناطق الثلاث مسؤولة عن استقبال ما يناهز نصف عدد طالبي اللجوء الجدد، وفقًا لنظام الحصص، وهو نظام اعتمد في أوائل التسعينيات لتوزيع طالبي اللجوء الجدد بطريقة "مناسبة وعادلة" في جميع أنحاء ألمانيا.

وفقًا لمؤسسة Hans Böckler، هناك نقص بمقدار 2 مليون وحدة سكنية منخفضة الإيجار في المدن الكبرى في ألمانيا. وتعود هذه الإحصائيات لما قبل الحرب في أوكرانيا، التي أدت إلى وصول ما يناهز 967 ألف شخص إلى ألمانيا منذ بدء الحرب، وفقًا للأرقام الحكومية.

لاجئو أوكرانيا ليسوا بأفضل حالًا:  

تضرب وكالة "DW" الألمانية مثالًا بـ "ماريا"، وهي سيدة أوكرانية تبلغ من العمر 42 عامًا، وتعيش في مدينة كولونيا منذ 17 سنة، وبعد الحرب استضافت والدتها ذات الثمانين عاماً.

تقول "ماريا": "لن تغادر أمي مرة أخرى أبدًا، سوف تعيش معنا. مساحة منزلنا 70 مترا مربعاً. لدينا أربع غرف، لي ولأولادي الثلاثة... أصبحت غرفة المعيشة ملكًا لأمي، قمنا بتركيب سرير لها فيها، ولأنها تحتوي على شرفة، يمكنها الاستمتاع بالهواء النقي متى شاءت".

ماريا، تعمل كمساعدة في مجال الصحة في المنازل، تدفع إيجار المنزل 750 يورو، وهو مبلغ يمثل حوالي 60 بالمائة من دخلها الشهري.

كم تدفع الأسر في ألمانيا على الإيجار؟

تؤكد الوكالة الألمانية أن كل أسرة من بين اثنين تدفع أكثر من 30 بالمئة من دخلها، على إيجار المنزل. ويعتبر علماء الاجتماع وخبراء العقارات أن عبء الإيجار الذي يزيد عن 30 بالمئة من صافي دخل الأسرة يمثل مشكلة، لأن اقتطاع هذا المبلغ لا يترك للأسرة سوى القليل من المال لتغطية احتياجاتها الأخرى، خاصة بالنسبة للأسر ذات الدخل المنخفض.

ويرى العديد من مالكي العقارات أيضًا أن نسبة الـ 30 بالمئة هي الحد الأقصى، لأنهم يتخوفون من أن المستأجرين ذوي الدخل المنخفض سيتمكنون من تأجير منازلهم بشكل مستدام.

واعتبرت الدراسة أن الأشخاص الأكثر تضررًا من نقص السكن بأسعار معقولة في ألمانيا، هم العزاب من ذوي الدخل المنخفض، وأيضًا العائلات المكونة من خمسة أفراد أو أكثر.

ويشير اتحاد النقابات العمالية DGB، إلى أن اللاجئين يشكلون نسبة كبيرة من ذوي الدخل المنخفض. فالأشخاص الذين تقدموا بطلبات لجوء أو حصلوا عليها يكسبون في المتوسط 43 بالمئة أقل من متوسط الراتب الألماني. كما أن اثنين من كل ثلاثة لاجئين يكسبون أقل مما يمكن اعتباره حد أدنى للأجور في ألمانيا، مما يصعب عليهم الحصول على سكن.

ووفقًا لتقدير منظمة المساعدات BAGW، فمن بين 417 ألف شخص بدون سكن خاص في ألمانيا خلال عام 2020، كان عدد اللاجئين 161 ألف لاجئ، أي أكثر من 38 بالمئة.