بيانات مبشرة لأسعار الغذاء عالميًا... انتهاء الأشهر العجاف

سجل مؤشر أسعار الغذاء لمنظمة الأغذية والزراعة العالمية (الفاو) انخفاضًا للشهر السادس على التوالي في سبتمبر/ أيلول، ليتراجع من أعلى مستوياته على الإطلاق التي سجلها في وقت سابق من العام في أعقاب اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية.

وقالت المنظمة التابعة للأمم المتحدة، يوم أمسٍ الجمعة، إن مؤشرها الذي يتابع أسعار السلع الغذائية الأكثر تداولا في العالم، بلغ في المتوسط 136.3 نقطة الشهر الماضي مقابل مستوى معدل إلى 137.9 نقطة في أغسطس/ آب. وكان رقم أغسطس آب في السابق 138.0.

وهبط المؤشر من مستوى قياسي بلغ 159.7 في مارس آذار. ومع ذلك، فتبقى قراءة سبتمبر/ أيلول أعلى 5.5% عنها قبل عام.

وكان الانخفاض الأخير مدفوعًا بتراجع نسبته 6.6% على أساس شهري في أسعار الزيوت النباتية، وساهمت زيادة الإمدادات وتراجع أسعار النفط في الانخفاض.

كما تراجعت أسعار السكر ومنتجات الألبان واللحوم بأقل من نقطة مئوية واحدة، مما خفف من الضغوط التضخمية.

ويبقى العامل الأهم المثير للقلق حاليًا هو أسعار النفط التي عاودت الصعود بعد خفض الإنتاج من قبل "أوبك +"، لكن لدينا في الجانب المقابل رفوعات الفائدة المتتالية التي تضغط بدورها على النفط، والتي كانت سببًا بانخفاض أسعاره عن ذروة قياسية سابقًا.

ماذا عن أسعار الحبوب؟

ارتفع مؤشر الفاو لأسعار الحبوب 1.5% على أساس شهري في سبتمبر أيلول، مع زيادة أسعار القمح 2.2%.

جاء الارتفاع بسبب المخاوف إزاء ظروف الجفاف في الأرجنتين والولايات المتحدة، وقوة صادرات الاتحاد الأوروبي وزيادة الضبابية المحيطة باستخدام موانئ البحر الأسود الأوكرانية بعد نوفمبر تشرين الثاني.

وارتفعت أسعار الأرز 2.2%، فيما يرجع جزئيا إلى المخاوف حيال تأثير الفيضانات العارمة التي اجتاحت باكستان مؤخرا.

وفي تقديرات منفصلة للعرض والطلب على الحبوب، خفضت الفاو توقعاتها لإنتاج الحبوب العالمي في عام 2022 إلى 2.768 مليار طن من2.774 مليار في السابق.

نظرة إلى أزمة الغذاء في العالم هذا العام:

يلخص الدكتور "نادر نور الدين"، الخبير الاستراتيجي بالجمعية العمومية لمنظمة الزراعة والأغذية للأمم المتحدة "فاو"، الأزمة في هذه النقاط:

أعداد الجوعى زادت لأكثر من 400 مليون نسمة، منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير الماضي، وذلك يرجع إلى ارتفاع أسعار الغذاء بشكل كبير وغير مسبوق.

الأزمة لا تتمثل في ندرة الغذاء، لكن المشكلة الأكبر في ارتفاع أسعار الغذاء، وهذا ما نسميه "الوجه الجديد للجوع" أو "الجوع المستتر"، حيث تكون السلعة متوفرة في الأسواق لكنها تفوق قدرة الفقراء على الشراء.

يتمثل السبب الرئيسي في أزمة الغذاء في أن روسيا وأكرانيا كانتا تتحكمان في 34 بالمئة من صادرات الغذاء والسلع الاستراتيجية، وبالتالي فإن خروج هذه النسبة من التجارة العالمية لا بد أن يؤدي إلى ارتفاع أسعار الغذاء، ولذلك تضاعفت أسعار القمح، ووصل إلى قرابة 500 دولار للطن.

زيوت الطعام تضاعفت أسعارها ووصلت إلى 2500 دولار للطن، وإن كانت بدأت تعود الآن إلى معدلها الطبيعي الذي يتراوح بين 1250 و1500 دولار.

جاء ارتفاع أسعار البترول ليمثل عبئا جديدا على الأمن الغذائي، حيث إن البترول يمثل ثلث تكاليف إنتاج الغذاء، سواء في تكاليف الشحن والتفريغ أو الآلات الزراعية، وصناعة الأسمدة والمبيدات ومنظمات النمو، والصناعات الغذائية بالكامل تعتمد على الطاقة.

ارتفاع أسعار البترول أدى إلى ارتفاع أسعار النقل البحري من 3 إلى 4 أضعاف، فمثلا تكلفة طن القمح ارتفعت من 10 دولارات للطن إلى 50 دولارا للطن، وهو ما مثل عبئا كبيرا على الدول الفقيرة.