توقف عن التذمر وفكر بعقلانية... 4 نصائح واقعية للتعامل مع الغلاء
يشهد العالم موجة تضخمية كبيرة عصفت بأسعار كل شيء؛ الغذاء والطاقة والمعادن وحتى الذهب. فأصبحت الطبقة المتوسطة في غالبية الدول النامية ودول العالم الثالث أقرب إلى خط الفقر، وفي بلدان معينة مثل سوريا نرى الأكثرية تحت خط الفقر مسبقًا.
بادئ ذي بدء... ما هو سبب الأزمة؟
لم يكد الاقتصاد العالم تنفس الصعداء جراء أزمة كورونا خلال العام الماضي، إلا أنه سرعان ما اصطدم بأزمات عدة تمثلت في ارتفاع أسعار الطاقة بسبب زيادات الطلب ونقص السلع وارتفاع تكاليف الشحن.
ساهمت العوامل سالفة الذكر إلى وصول معدلات التضخم العالمي إلى مستويات قياسية، حيث كانت أعلى من 5% لأكثر من 12 شهراً وتحديداً طوال عام 2021.
ومؤخرًا، زادت الأزمة الروسية والأوكرانية من حدة ارتفاع أسعار السلع وأيضاً مواد الطاقة، ما أدى إلى تسارع معدلات التضخم بشكل أكبر، وباتت شبحاً يواجه جميع الاقتصاديات، لا يفرق بين ما هو ناشئ أو متقدم.
ارتفاع أسعار الطاقة تعتبر أحد المسببات الرئيسية في ارتفاع أسعار الغذاء، لأنها بالطبع تؤثر على تكاليف النقل من ناحية، وتدخل في بعض العمليات التشغيلية من ناحية ثانية.
كان ما سبق، بدون نسيان زيادات الفائدة التي أطاحت بالعملات الوطنية للدول، هو ملخصٌ لما يجري من متغيرات تسببت في ارتفاع أسعار السلع ووصول البعض منها إلى مستويات غير مسبوقة تاريخيًا.
كيف نقوم بترشيد الاستهلاك واتباع عادات شرائية سليمة؟
قال "عمرو الألفي" رئيس قسم البحوث بشركة برايم لتداول الأوراق المالية: "لقد حان الوقت لاتجاه الأسر نحو ترشيد استهلاكها، وإن كان هناك صعوبة في ضبط استهلاك الغذاء فعليهم اللجوء إلى الأنواع البديلة ذات السعر الأقل".
يمكن أن تعيش عائلتان بنفس عدد الأفراد، وبمستوى المعيشة ذاته، لكن إحداهما تصرف أكثر بشكل واضح من الأخرى. الفرق يكمن هنا في العادات الشرائية...!
حينما نتحدث عن أوقات التضخم، فمن الحكمة أن تفهم كيف ولماذا وكم تشتري من الحاجات الأساسية لمنزلك وعائلتك. قد يعتاد البعض منا على التسوق يومياً لشراء السلع أولاً بأول، بينما يفضل الآخر شراء السلع بكميات أكبر وبعدد مرات تسوق أقل.
في الواقع، وحين نتحدث عن فترات التضخم، فننصحك بتخفيض عدد مرات التسوق وزيادة الكمية المشتراة. فإذا كنت معتاداً على شراء حاجاتك يومياً، ننصحك بالتسوق أسبوعياً، أو حتى مرتين في الشهر. لأن كل رحلة جديدة للتسوق في هذه الحالة ستكون استنزاف آخر لقدراتك الشرائية، بالإضافة إلى كون أغلب المنتجات تباع بسعر أرخص بكثير حين تكون بالجملة.
قبل شراء أي شيء فكر كيف ستستخدمه في المستقبل وإلى أي وقت ستستمر باستخدامه، وإذا وجدت أنك لا تحتاج الشيء الذي تشتريه فاعتد أن تعدل عن قرارك الشرائي.
أكبر خطأ حاليًا هو تجميد الأموال:
في نظام النقد المالي الحديث فإن تجميد الأموال لفترة طويلة هو خسارة بحد ذاتها، لأننا كشعوب عربية ذات أغلبية مسلمة نتجنب الفائدة، مما يجعل النظام المالي يعمل ضدنا بكل معنى الكلمة لو حافظنا على أموالنا مجمدة في البنوك أو الخزنات.
أما في الوقت الحالي فإن التضخم المالي جعل الأمر صعبًا حتى على المدخرين مع فائدة. إذ يقول "مات إيليوت"، المخطط المالي المعتمد في مينيسوتا إن "نقودك في البنك لن تجلب لك أرباحا تذكر، في وقت يشمل فيه ارتفاع الأسعار في الخارج كل شيء. هذا الأمر يؤدي لتدهور قدرتك الشرائية، إذا لم تستثمر أموالك بالشكل الصحيح".
وينصح هذا الخبير بالاستثمار في محفظة متنوعة، تتضمن مجالات ترتفع أرباحها مع التضخم. وننصح نحن بالتوجه إلى بدائل استثمارية ذات عائد مرتفع كالسلع والعملات الرقمية (على المدى البعيد) والعقارات.
في السياق نفسه، يشير "توماس كوبلمان" مؤسس شركة "أولستريت ولث" (AllStreet Wealth) للاستشارات المالية إلى أنه "خلال هذه الفترة كثيرون من الناس يمتلكون كمية هامة من السيولة، ولكنهم في حيرة من أمرهم بشأن الطرق الأفضل لاستغلالها، وهذا التردد لا يصب في صالحهم. إذ يجب عليك ألا تحتفظ بالسيولة إلا للمصاريف الطارئة والأهداف قصيرة المدى مثل العطلات وعمليات الشراء، أما الباقي فيجب استثماره في أسرع وقت ممكن".
محاولة الحصول على دخل إضافي:
حان الوقت لتوسيع آفاقك والبحث عن عمل آخر يؤمن لك الدعم المالي اللازم... لا يشترط أن يكون مصدر دخلك الإضافي هو عمل بدوام كامل، ولا نطلب منك العمل لـ 24 ساعة في اليوم حتى تؤمن ما يكفيك. بل نرغب بلفت نظرك إلى أن العالم بات يعمل بطريقة مختلفة عن الماضي. فعلى سبيل المثال، ظهرت العديد من الوسائل لتحقيق المال عن بعد أو عبر الإنترنت بما يسمى الأعمال الحرة (الفريلانس).
لن تجد هنا وصفة سحرية جاهزة لذلك، لكنك لو بحثت واجتهدت ستحصل على عمل إضافي يدعمك ماديًا خلال هذه الفترة العصيبة، وإذا لم توفق في هذا الطريق حاول تعلم مهارات جديدة مطلوبة في سوق العمل خلال أوقات فراغك، واعمل بها.
انتقل إلى نظام استهلاكي أقل تأثرًا بالتضخم:
يؤكد المستشار المالي "إليوت أبل" على ضرورة الانتقال من شراء الأشياء التي تتأثر بشكل كبير بالتضخم، إلى المشتريات القادرة على حماية نفسها من هذه المشكلة.
إذ لم تشهد كل السلع القدر ذاته من ارتفاع الأسعار، وأغلب المستهلكين -على سبيل المثال- لاحظوا أن كلفة مشتريات البقالة تضخمت بسبب المنتجات الحيوانية، وبالتالي فإن التوجه نحو الأكل النباتي هو أحد الطرق لخفض المصاريف.
كما أنه يمكن الاستغناء عن شراء اللحوم الحمراء والاكتفاء بالدجاج. والسبب هو أن لحوم البقر مثلًا ارتفعت أسعارها بنسبة الخمس خلال 12 شهرا فقط، بحسب آخر تقارير مؤشر أسعار المستهلك في الولايات المتحدة، وفي المقابل ارتفعت أسعار الدجاج بنسبة 9.2% فقط خلال الفترة نفسها، وبعض المنتجات الأخرى مثل الديك الرومي لم يتجاوز ارتفاع أسعارها 4.6%.
أما الأسماك ومنتجات غلال البحر والمأكولات البحرية الجاهزة للاستعمال، مثل التونة المعلبة، فلم تشهد أي زيادة تذكر.
وبالتالي يؤكد "أبل" على ضرورة القيام ببعض البحوث والحسابات من أجل تحسين سلوكنا الشرائي والضغط على المصاريف.