شركاء الدولار في قضية غلاء الأسعار... عوامل أخطر من سعر الصرف
بينما يتساءل العديد من الناس في سوريا عن سبب التغير الكبير والسريع في الأسعار يوميًا، فقد اعتاد آخرون على ربط الأمر مباشرةً بسعر الصرف، والواقع أن الأمر ليس كذلك، فارتفاع سعر الصرف لن يؤثر مباشرةً على البضاعة بالمتاجر أو المخازن، علاوةً على أن وتيرة الغلاء تتزايد بشكل غير متوافق مع وتيرة تزايد سعر صرف الدولار في سوريا.
تحدث عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق "محمد الحلاق"، عن هذه القضية في حديثه لصحيفة محلية، وبيّن أن المشكلة الرئيسية التي تؤدي إلى ارتفاع الأسعار اليومي هي قلة توفر المواد وانعدام التنافسية.
واعتبر أنه لا يمكن الخروج من مشكلة ارتفاع الأسعار أو فقدان المواد ما لم يتم الاتفاق على إستراتيجية وطنية مشتركة تضم مختلف الجهات الفاعلة والقادرة على التأثير.
كلٌ يغني على ليلاه والمستهلك السوري آخر هم الجميع:
يشرح الحلاق: "للأسف مازالت كل جهة من هذه الجهات تعزف على الوتر الذي يناسبها وكل جهة أو وزارة تعمل وفق أولوياتها من دون الأخذ بعين الاعتبار البوصلة الرئيسية وهي المستهلك."
ورأى أن قرار رفع سعر صرف الدولار من المصرف المركزي مؤخراً يجب ألا يكون له تأثير من حيث المبدأ على الأسعار بأكثر من 3 بالمئة.
مسألة عزوف التجار عن الاستيراد:
في هذا الصدد، قال عضو إدارة الغرفة: "إننا كأعضاء غرفة تجارة على اطلاع دائم على واقع السوق ونسعى للوصول إلى تقاطعات بالنسبة للسوق، ولاحظنا أن هناك الكثير من التجار أو المستوردين عزفوا عن الاستيراد لعدة أسباب منها الربط الإلكتروني وتخوف قطاع الأعمال من هذا الربط، إضافة إلى صعوبات التمويل ودفع قيم البضائع من قبلهم أكثر من مرة وتأخر التسديد، فضلاً عن التسعير وعدم توافقه مع التكاليف الحقيقية وأسباب أخرى متعددة منها زيادة التهريب وهذا يمكن ملاحظته حالياً في السوق."
وأضاف: "نحن متأكدون من ازدياد التهريب الذي بات ينافس المستورد الحقيقي ويؤدي إلى عزوفه عن الاستيراد والعمل".
ارتفاع الرسوم الجمركية وفجوة هائلة بين الدخل والأسعار:
بدوره بين عضو غرفة تجارة دمشق "فايز قسومة" للصحيفة ذاتها أن تكاليف المواد تتغير بشكل يومي من حوامل طاقة وكهرباء وأجور نقل وتكاليف أخرى، الأمر الذي يؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل يومي.
وأضاف عضو الغرفة:" كما أن الرسوم الجمركية ارتفعت بنسبة 12 بالمئة منذ أكثر من أسبوعين الأمر الذي انعكس على أسعار المواد وأدى إلى ارتفاعها".
وأكد "قسومة" أن كبار المستوردين عزفوا عن الاستيراد حالياً نتيجة الصعوبات التي يواجهونها بالنسبة لتمويل مستورداتهم، إذ إن المستورد بات يدفع ثمن البضاعة التي يستوردها مرتين ونتيجة لذلك نرى وجود قلة بالمستوردين حالياً وعدم إقبال نسبة من التجار على الاستيراد.
وأوضح أن الفجوة بين الدخل والأسعار باتت كبيرة جداً، مشيراً إلى أن التسعيرة التموينية التي يتم وضعها لمعظم المواد غير منطقية حالياً ولا تتناسب مع التكاليف الحقيقية.
وطالب "قسومة" بضرورة إيجاد حل سريع لموضوع تمويل الاستيراد وتشجيع التجار على الاستيراد في ظل وجود ندرة بالمواد حالياً في الأسواق باعتبار أن هذا الأمر سيساهم بتوافرها بشكل أكبر وبالتالي انخفاض أسعارها.
المواطن بحاجة للإنعاش:
بدوره اعتبر نائب رئيس جمعية حماية المستهلك في دمشق وريفها "ماهر الأزعط"، أن المواطن دخل في حالة سبات وبات بحاجة للإنعاش نتيجة معاناته اليومية التي تزداد في ظل غلاء الأسعار اليومي وعدم تناسبها مع دخله المنخفض.
وأكد أنه بعد قرار رفع سعر صرف الدولار من المصرف المركزي ارتفعت الرسوم بشكل تلقائي بنسبة 10 بالمئة والبضائع الموجودة في الأسواق تم احتكارها نوعاً ما من بعض التجار، موضحاً أن ارتفاع سعر صرف الدولار ليس هو فقط العامل الوحيد الذي أثر على الأسعار كما يظن البعض إنما ارتفاع الرسوم الجمركية كذلك.
وبين أن الأسعار في سورية باتت اليوم أغلى من كل دول الجوار، مشيراً إلى أنه في حال لم تتدخل الحكومة وتقوم بتخفيض الرسوم الجمركية بما يتناسب طرداً مع أسواق الدول المجاورة ستزداد معاناة المواطن بشكل أكبر.
ولفت إلى أن أسعار حوامل الطاقة بازدياد مستمر والضرائب كذلك، ورأى أن هم وزارة المالية الوحيد اليوم هو جباية أموال طائلة من الضرائب ولا يهمها المواطن وارتفاع الأسعار.
وأشار إلى أن وزارة التجارة الداخلية تضع تسعيرة للمواد بشكل آني وغير صحيح ولا تتناسب مع التكاليف لذا نرى الأسعار في السوق دائماً أعلى من التسعيرة التموينية.