بدعة جديدة في سوريا... الحكومة تطلب ضرائب لأجل منشآت متوقفة عن العمل
مع كل الجدل والأخذ والرد الذي تسبب به هذا الموضوع سابقًا، عاد الحديث مجددًا عن قضية منطقة القابون الصناعية، وذلك بعد مناشدة الصناعيين وزارة المالية لإعفائهم من ضريبة الدخل والتزامات مالية أخرى كون المنطقة متوقفة عن العمل منذ عام 2011.
والكلمة الفصل في الموضوع كما يتضح مما ذكر سابقًا هي لوزارة المالية التي تتجاهل كافة محاولات الإعلاميين للتواصل معها، مبررةً ذلك بانشغال المعنيين بالاجتماعات الكثيرة في الوزارة.
بأي منطق أو قانون تُفرَض ضرائب على منشآت لا تعمل؟!
منذ يومين، ناشَد الرئيس السابق لاتحاد غرف تجارة سورية، "غسان القلاع"، في صفحته على موقع فيس بوك، المسؤولين وأصحاب القرار في وزارة المالية لإصدار قرار بإعفاء أصحاب المعامل والعقارات في منطقة القابون الصناعية من ضريبة الدخل.
وأوضح "القلاع"، أن المنطقة نُهبت منذ عام 2011، وما تبقى فيها "لا يصلح حتى حديد خردة" بحسب تعبيره.
وتابع: "إضافةً إلى أن المنطقة الصناعية في القابون تم استملاكها لمصلحة المحافظة لبناء مدينة جديدة تزين مدخل العاصمة الشمالي، انتقل أصحاب الفعاليات التي استُملكت من قبل المحافظة إلى عدرا أو بادية الشام، وسيتم لاحقاً توزيع أسهم على أصحاب العقارات والمعامل في منطقة القابون الصناعية ينتفع بها الورثة أو ورثة الورثة".
ثم تساءل قائلًا: "بأي منطق أو قانون تلاحقهم الدوائر المالية بضريبة الدخل حتى هذه اللحظة؟ ولماذا لا يتم إعفاؤهم ما لم يُثبَت أنهم يعملون ويربحون ولو في مكانٍ آخر؟".
قرار غير نافذ:
كانت صحيفة "الوطن" المحلية من أبرز الجهات الإعلامية المقربة من الحكومة التي توسطت للصناعيين في هذا الموضوع، فقال الصناعي "عاطف طيفور" للصحيفة، إن هناك قراراً بالطي لكامل الملفات المالية بعدم دفع الصناعي أي ضريبة مالية أو خدمات بالمحافظة أو ترابية أو تأمينات اجتماعية أو اشتراكات الكهرباء، أي كل ما يتعلق بمنشأة صناعية قيد العمل.
وأكد "طيفور" أن هذا القرار كان لمن توقف عن العمل، ومن اختار نقل المنشأة لمكان آخر محدد كعدرا مثلاً يتابع التزاماته المالية، لكن القرار لم ينفذ، وجميع الصناعيين ما زالوا يدفعون كل التزاماتهم ومنها اشتراكات الكهرباء التي هي فعلياً بدون عدادات، للمالية والمحافظة والتأمينات بما فيها كل الضرائب، رغم وجود قرار رئاسة مجلس الوزراء بإيقاف الدفع من قبل الصناعيين.
أما عن إقدام الصناعيين على تقديم طلب إيقاف عمل للمالية لإيقاف الدفع الضريبي بناء على قرار الإيقاف، فبيّن "طيفور" أن الصناعي غير مُطالب برفع طلب بعد قرار إيقاف العمل بالمنطقة وإيقاف أعمال الترميم وإيقاف الإنتاج، وهذا القرار تبنته المالية لاستكمال أعمال المخطط التنظيمي في منطقة القابون وعليه يتم إيقاف كل المعاملات والرسوم والضرائب الخاصة بكل المنشآت الصناعية ضمن هذه المنطقة.
وأضاف: "نحن كصناعيين لا نستطيع إيقاف العمل لأنه في حال حصل الإيقاف فإن العودة للعمل تتطلب ترخيص عمل جديداً، كما أن الوضع في منطقة القابون هو نقل السجل الصناعي ذاته وليس توقيف منشأة، وهم تكفلوا بكامل هذه الإجراءات الروتينية تسهيلاً للصناعي فلماذا اليوم يطالبون بالدفع؟".
وأوضح "طيفور" أن الأمر الوحيد الذي يطالب به الصناعي هو حقوق العمال وما يتعلق بموضوع التأمينات الاجتماعية، لأنه في حال كان هناك عمال مكلفون ضمن هذه المنشأة ولم يقدم الصناعي على طيّها في التأمينات، فإن العامل له الحق بأن يُدفع عنه للتأمينات التي لها حق بالضرائب، أما دفع اشتراكات كهرباء لعدادات مسروقة فهو أمر غير منطقي.
ادفع ثم اعترض:
أشار "طيفور" إلى أن الصعوبة لا تكمن بقيمة الدفع بالنسبة للصناعي، بل بروتين وآلية الدفع. وعندما يقدم أي صناعي اعتراضاً على مخالفة قرار الدفع يكون الرد بالمالية بأن تدفع أولاً ثم نتابع أمر الإيقاف.
ويذكر أن معاملة الإيقاف تستغرق نحو العام في دوائر المالية وهو ما أرهق الصناعيين، لأنه وفي حال عدم الدفع ينتقل بعدها الصناعي لمرحلة الحجوزات.
ولفت "طيفور" إلى أن المنطقة اليوم ليست منطقة صناعية بل تحولت قانونيا لمنطقة استثمارية، وهذه العقارات موقفة بأمر من رئاسة مجلس الوزراء والمحافظة ونهايتها بمرسوم، فالصناعي اليوم لا يهمه القديم لكنه يطالب من يوم المرسوم لليوم بتنفيذ أمر الطي للقرار.
من جهته أوضح الصناعي "عماد الحمصي" أنه من الصناعيين الذين حصلوا على إيقاف دفع ضرائب الدخل، وأنه كل نهاية عام يجدد عملية التوقف.
وأشار إلى أنه اكتشف هذه العملية بالمصادفة عندما علم بأمر الحجز على أمواله المنقولة وغير المنقولة، لتخلف دفع ضريبي في التأمينات الخاص بمنشأته الصناعية في منطقة القابون.
وبيّن أن سبب التخلف في الدفع ليس التهرب الضريبي، لأنه سدد كامل التزاماته المالية قبل أن تُدمر المنطقة، لكنه توقف عن الدفع منذ عام 2011 ظناً منه أن توقف المنشاة يوقف الدفع الضريبي.
وأوضح "الحمصي" أنه وبعد أن فك قرار الحجز الذي تم تمديده استثنائياً لعام 2020، عمل على مراجعة المالية نهاية كل عام لدفع الترتيبات المالية الخاصة بمنشأته، مبيناً أنه حتى اللحظة لا يعلم إن كان أمر الإيقاف مازال ساري المفعول أم إنه بحاجة لتجديد قيد في التأمينات كما هو الحال المتبع في المالية.