ثلاث شروط لإعادة إنعاش الليرة السورية والخروج من دوامة أسعار الصرف

يتفق الخبراء أن مشكلة الاقتصاد السوري بشكل أساسي ليست مشكلة أسعار صرف أو انهيار لقيمة الليرة فحسب، بل إن تلك هي مجرد أعراض للمرض وليست المرض بحد ذاته.

في هذا الصدد، يشرح الدكتور أستاذ الاقتصاد بجامعة حلب "حسن حزوري"، أن حصة الرواتب والأجور من الدخل بتكلفة عوامل الإنتاج كانت في الماضي تزيد عن 40%، بينما هي حالياً لا تتجاوز 10% في أحسن الحالات. وهذا مؤشر على سوء توزيع الدخل أولاً، وعلى أن الأجر الذي يتقاضاه الموظف أو العامل غير عادل، وخاصة من يعمل في القطاع العام الاقتصادي أو الإداري.

واعتبر الدكتور، أنّ بنية الأجور حالياً تعاني من "اختلالات وتشوّهات" في أكثر من صعيد، مما أسهم في تراجع الطبقة الوسطى، لذلك يرى أن مسؤولية النجاح في تحسين مستوى المعيشة، أو ردم الهوة القائمة بين الرواتب والأجور من جهة والأسعار من جهة أخرى، هي مسؤولية مشتركة بين الحكومة والمجتمع.

3 شروط أو محاور أساسية حتى تتحسن الأمور ونصل إلى بر الأمان:

بحسب الدكتور "حزوري" فإن تحسين القوة الشرائية لليرة السورية وإنعاشها، وردم الهوة بين الدخل والأسعار، لن يتم إلا من خلال ثلاثة محاور أساسية، هي كما يلي:

أولها، اعتماد سياسة تدعم الإنتاج وتخفض التكاليف بدلاً من السياسة الريعية المهيمنة حالياً، أي تشجع الإنتاج الزراعي والصناعي والحرفي، مع التركيز على الزراعة كونها القادرة على تأمين متطلبات المعيشة الأساسية وتحقيق الأمن الغذائي.

ويتطلب ذلك مواصلة تعديل قرارات السياسة النقدية لكبح جماح التضخم واستقرار سعر الصرف، فالمطلوب حرية حركة الأموال في الداخل وتوفير السيولة للمؤســسات والشركات كي تتمكن من الاستثمار ومن تعزيز أوضاعها، وخلق فرص عمل وتوظيف عاملين جدد، وتحسين أوضاع الموظفين الموجودين. فخفض نسبة الفوائد وانتهاج سياسة نقدية جديدة، تعزّز الاستثمار وتوفّر فرص العمل، ما يؤدي إلى إعادة إنعاش الطبقة الوسطى.

كما لا بد من تحرير سعر الصرف وشراء الحوالات الواردة بسعر عادل، يستفيد منه المصرف المركزي، والتي تقدر بأكثر من 7 مليون دولار يومياً، ويستفيد منه المواطن الذي سيحصل على القيمة الحقيقية للحوالات الواردة، وأيضا سيشجع ذلك على دخول الاستثمارات الجديدة.

كذلك لا بدّ من اعتماد الضريبة الموحدة على الدخل بغية التأسيس لعدالة اجتماعية والتخفيف من الاعتماد على الضرائب غير المباشرة التي تصيب الجميع وخاصة ذوي الدخل المحدود والفقراء منهم.

أما المحور الثاني، فهو من خلال رفع كفاءة الإنفاق العام لمحاربة الهدر والفساد، وضبط الهدر في الإنفاق الحكومي الجاري، وتوجيه المبالغ الموفرة من ذلك لزيادة الرواتب والأجور، وخاصة الوفورات الناتجة عن رفع الدعم بكل أشكاله عن عدد كبير من الشرائح، كون الدعم بوضعه الحالي فيه نسبة كبيرة من الفساد المباشر وغير المباشر، أو تحويله إلى دعم نقدي.

بالمقابل فإن المحور الثالث الذي يجب العمل عليه، هو من خلال تشجيع المنافسة ومنع الاحتكار، والسماح لأكبر عدد من المستوردين أو المنتجين بالدخول إلى السوق من دون عقبات أو شروط تعجيزية، وعدم احتكار الاستيراد على عدد محدد من المستوردين، مما سيؤدي إلى توفر السلع بشكل كبير مما سينعكس إيجابياً على الأسعار، وبالتالي رفع القوة الشرائية للمواطنين وبمعنى آخر زيادة الدخل.