توقفوا عن نشر تسعيراتكم ودعوا الناس تعمل... مسؤول سوري يتجرأ على رأي مختلف

اعتبر "جليل إبراهيم"، مدير عام هيئة المنافسة ومنع الاحتكار، أنه لا يوجد احتكار لأي سلعة أو مادة، مطالباً بتحرير أسعار السلع والمواد باستثناء الأساسية منها.

وقال "إبراهيم" في تصريحات صحفية، إن تحرير الأسعار يخضع للعرض والطلب، ولا يمكن أن تكون هناك منافسة في وقت يتم فيه تحديد أسعار السلع والمواد. معتبرًا أن تحديد الأسعار يقضي على المنافسة، ولافتاً إلى أهمية الخروج عن نمط التسعير وترك الناس تعمل لأن الوضع الحالي لا يسمح إلا بذلك.

يذكر أن قانون حماية المستهلك رقم 8 لعام 2021 ينص على أن تقوم "وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك" بتحديد السعر متضمناً الحد الأقصى للربح محسوباً على أساس التكلفة الحقيقية، دون المساس بحق المورد في تخفيض السعر بما يحقق مصلحة المستهلك.

وأوضح "إبراهيم" إن المعادلة الاقتصادية تؤكد أن المنافسة تساهم في تحسين البيئة الاقتصادية والجميع يعلم أنه لا توجد منافسة من دون تنوع بالإنتاج، لافتاً إلى أن الواقع يؤكد أنه لدينا ضعف بالتنوع الإنتاجي بسبب تدمير العديد من المصانع والمعامل التي كانت تجعل بيئة المنافسة صحيحة.

وأعرب عن يقينه بأنه في سورية اليوم لا يوجد احتكار لأي سلعة أو مادة والدليل أن جميع المواد متوافرة في الأسواق، لكنها تحتاج إلى سيولة، والاحتكار بمفهوم السوق اليوم هو نتيجة ضعف القدرة الشرائية للمواطن.

ثم نوه إلى ضرورة الاعتراف بدور التجار في تأمين الكثير من المواد، لأن حصة المؤسسات الحكومية (مثل وزارة الصناعة) من تأمين السلع والمواد لا تتجاوز واحداً بالمئة.

تسعير السلع... بدعة سورية:

في سياق متصل، يرى الأستاذ في كلية الاقتصاد بجامعة حلب الدكتور "حسن حزوري"، أن الآلية الحكومية للتسعير في الوقت الراهن تطلبتها ظروف الحرب وانعكاسها على الواقع، ونتيجة لذلك قامت وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك بإعادة النظر بسياسة تحرير الأسعار التي كانت معتمدة منذ بداية القرن الحالي (عام 2001)، وألغت تحريرها وذلك لتنظيم السوق.

وابتدأت الوزارة تدريجياً بدراسة واقع أسعار السلع الأساسية والضرورية للمواطن وأعادت إخضاعها لسياسة تحديد الأسعار إما مركزياً عن طريق قرارات تسعير تصدر من الوزارة أو مكانياً من مديريات التجارة الداخلية في المحافظات، أو من المكاتب التنفيذية لبعض الخدمات المقدمة وذلك وفق التكلفة الفعلية التي يقدمها المنتج أو المستورد مع هوامش ربح لهم، مع تحديد أسعار البيع للجملة والمفرق.

واعتبر "حزوري" أن الحكومة نجحت بشكل نسبي بتوفير بعض السلع المدعومة من رز وسكر ومحروقات وغاز عبر البطاقة الذكية، ولكن ليس بشكل منتظم ولم تؤد هذه الآلية إلى حصول جميع المواطنين على مستحقاتهم، ما يضطرهم للجوء إلى السوق وفق أسعار العرض والطلب لتأمين إشباع حاجاتهم من المواد المذكورة ووفق مقدرتهم الشرائية.

وتابع "ولكن فيما عدا ذلك فقد فشلت الحكومة بشكل كبير بضبط الأسعار ولم تستطع مؤسسات التدخل الإيجابي كالسورية للتجارة مثلاُ التأثير بذلك إلا بشكل محدود جداً".

وبيّن "حزوري" أنه رغم الإجراءات الصارمة والعقوبات الرادعة التي نص عليها المرسوم 8 لعام 2021، إلا أن الحكومة عجزت عن ضبط الأسعار لأسباب مختلفة أولها طريقة التسعير المعتمدة والتي تكاد تكون مميزة في سورية عن بقية الدول، واصفاً إياها بـ "البدعة السورية" كون التسعير يجب أن يخضع لقواعد علمية تفرضها العوامل الداخلية والخارجية لكل مؤسسة أو شركة أو بائع إضافة إلى قانون العرض والطلب.

لذا فإن نشرات الأسعار الصادرة "توضع كديكور" في واجهة المحال ولا تطبّق إلا إن حضرت دورية من التجارة الداخلية وحماية المستهلك أو في حال وجود شكوى من المواطن.

أما السبب الثاني فيتمثل بعدم ربط السياسة السعرية بالسياسة المالية والاقتصادية، فمثلاً يوجد هناك احتكار للاستيراد من عدد محدود من المستوردين ما يخلق انعدام المنافسة في السوق، إضافة إلى ارتفاع تكاليف الإنتاج والاستيراد والنقل والشحن وصعوبات تأمين القطع الأجنبي وفتح الاعتماد وعدم استقرار سعر الصرف الذي يستدعي لدى التاجر المستورد التحوّط من تقلبات سعره ما يؤدي إلى زيادة التكاليف.