بذور سحرية تطعم الجميع في كل مكان... بيل غيتس يدعو البشرية إلى تجربتها
شجّع الملياردير الشهير وصاحب شركة مايكروسوفت "بيل غيتس"، دول العالم على زيادة الاستثمار في المحاصيل المعدلة وراثيًا التي يمكنها التكيف مع تغير المناخ ومقاومة الآفات الزراعية، في محاولة للقضاء على الجوع في العالم.
وقال "بيل غيتس" في أحدث تقرير سنوي لمؤسسة "بيل وميليندا غيتس"، إن "أزمة الجوع العالمية هائلة لدرجة أن المعونة الغذائية لا يمكنها معالجة المشكلة بالكامل، وإن المطلوب أيضًا هو ابتكارات في تكنولوجيا الزراعة يمكن أن تساعد في عكس مسار الأزمة".
وبكلامه عن ذلك يشير "غيتس" بشكل خاص إلى ما يسميه "البذور السحرية"، بما في ذلك الذرة التي تم تربيتها لتكون مقاومة للمناخات الأكثر حرارة وجفافًا، وبزور الأرز التي تتطلب 3 أسابيع أقل من المعدل الطبيعي في الحقل.
ويرى أن هذه الابتكارات ستسمح بزيادة الإنتاجية الزراعية على الرغم من تغير المناخ.
وأمام هذه الحقائق يستغرب الملياردير الشهير من أن ميزانية البحث والتطوير للابتكارات الجديدة مثل "البذور السحرية" ما تزال صغيرة جدًا مقارنة بالإنفاق على المساعدات الغذائية.
يقول غيتس في التقرير: "من الجيد أن الناس يريدون منع إخوانهم من البشر من الجوع عندما تقطع صراعات مثل أوكرانيا الإمدادات الغذائية، لكن علينا أيضًا أن ندرك أن هذه الأزمات هي أعراض لمشكلة أعمق".
يذكر أن هذا التصريح عرّض "غيتس" للانتقاد من طرف البعض، الذين اتهموه بـ "التضليل" لتشجيع الإنفاق على مشاريع يمتلكها ويديرها شخصيًا، على حساب مساعدات الدول الفقيرة الغذائية، خصوصًا أن هذه المشاريع ما زالت تحتاج إلى الوقت والدراسة وهي لن تطعم العالم بين ليلةٍ وضحاها.
لكن "جيتس" يصر على رأيه في هذا الصدد ويضيف: "العديد من البلدان لا تنمو بما يكفي حتى الآن، وتغير المناخ يجعل الزراعة أكثر صعوبة. لا يمكن حل هذا التحدي بالتبرعات. بل يتطلب الأمر الابتكار".
يذكر أن مؤسسة "بيل وميليندا غيتس" هي أكبر مؤسسة خاصة في العالم، وتشتهر بعملها في مجال الصحة العالمية، بما في ذلك اللقاحات، وبدأت في شكلها الحالي في عام 2000، بعد أن ترك "غيتس" منصب الرئيس التنفيذي في مايكروسوفت.
واستثمرت المؤسسة بكثافة في تكنولوجيا الزراعة، بما في ذلك نوع من بذور الذرة التي تزدهر في درجات حرارة أعلى وفي ظروف أكثر جفافاً، والمعروفة باسم D DryTEGO.
وقد تم تطوير البذور لأول مرة في إطار برنامج مؤسسة التكنولوجيا الزراعية الأفريقية، التي منحتها مؤسسة غيتس 131 مليون دولار منذ عام 2008.
ومنذ ذلك الحين، أنفقت المؤسسة 1.5 مليار دولار على المنح التي تركز على تجارب الزراعة في إفريقيا، وفقًا لـ Candid، وهي منظمة غير ربحية تبحث في العطاء الخيري.
النمذجة التنبؤية باستخدام الذكاء الاصطناعي:
يشير "غيتس" إلى إمكانات النمذجة التنبؤية – باستخدام الذكاء الاصطناعي لمعالجة تسلسل الجينوم للمحاصيل جنبًا إلى جنب مع البيانات البيئية واستحضار رؤية قائمة على البيانات لما ستحتاج المزارع أن تبدو عليه في المستقبل.
من هذا النموذج الحاسوبي، يمكن للباحثين تحديد نوع النبات الأمثل لمكان معين. أو يمكنهم القيام بالعكس: تحديد المكان الأمثل لزراعة محصول معين.
وما تزال التكنولوجيا في مراحلها الأولى، لكن النماذج التنبؤية المماثلة – التي تتوقع الأماكن التي قد تتعرض فيها المزارع لأنواع غازية أو بأمراض المحاصيل، على سبيل المثال – قد شهدت بالفعل نتائج هائلة.
انتقادات وحقائق لا يرغب "غيتس" في إبرازها:
عند تكليف التكنولوجيا بدور بارز في معالجة أزمة الغذاء العالمية، يضع "غيتس" نفسه على خلاف مع النقاد الذين يعتقدون أن أفكاره تتعارض مع الجهود العالمية لحماية البيئة.
وأشاروا إلى أن مثل هذه البذور تحتاج عمومًا إلى مبيدات الآفات والأسمدة القائمة على الوقود الأحفوري لتنمو، ويؤكد النقاد أيضًا أن نهج "غيتس" لا يعالج إلحاح الأزمة.
ويستغرق تطوير "البذور السحرية" سنوات ولن يقدم الإغاثة على الفور للبلدان التي تعاني حاليًا من معاناة واسعة النطاق لأنها تعتمد على واردات الغذاء أو تعاني من حالات جفاف تاريخية.
ويخشى الكثيرون أن تخلّف المحاصيل المعدلة وراثيا تأثيرات بيئية وصحية ضارة، ويرون أنهم يجازفون بتقويض السيادة الغذائية، حيث يتسنى لحفنة من الشركات التي تصنع البذور اكتساب قدر مفرط وغير مستحق من القوة والسلطة على الناتج الزراعي العالمي ــ والمزارعين الذين ينتجونه. وبسبب هذه المخاوف، يقيد الاتحاد الأوروبي ومعظم البلدان الأفريقية حاليا زراعة المحاصيل المعدلة وراثيا.