مشروع واعد لإنتاج الطاقة الهيدروجينية من الهواء... نهاية سعيدة لنزاعات الطاقة
نجحت مجموعة من العلماء من أكاديمية قانجيانغ للابتكار، التابعة للأكاديمية الصينية للعلوم، وجامعة مانشستر، وجامعة ملبورن، في تطوير نموذجٍ أولي لخلية تحليل كهربائي، يمكنها امتصاص الرطوبة من الهواء في أي مكان، واستخدامها بدلاً من استخدام الماء السائل، ومن ثم إنتاج الهيدروجين عن طريق التحليل الكهربائي.
وبفضل هذا البحث الذي نُشر في مجلة "نيتشر كوميونيكيشن"، بات من الممكن إنتاج الهيدروجين، الذي يعد نوعاً من الطاقة النظيفة، بشكل مباشر من الهواء، وذلك عبر استخدام تكنولوجيا التحليل الكهربائي، التي تعمل بالطاقة المتجددة.
وتتيح التكنولوجيا المطورة حديثاً تحويل الطاقة الشمسية أو طاقة الرياح إلى وقود من خلال التحليل الكهربائي لمكونات الهواء (التي تحتوي بطبيعة الحال بخار الماء)، حتى في المناطق التي تعاني من نقص المياه والجفاف.
وذكرت الورقة البحثية أن النموذج الأولي، الذي يعمل بالطاقة الشمسية أو طاقة الرياح، عمل لمدة 12 يوماً متتالياً أظهر خلالها أداءً مستقرا.
وإذا اعتقدتم أن شروط العمل تتطلب بيئة رطبة أو شديدة الرطوبة فهذا خطأ، بل أثبت الباحثون أن النموذج المذكور يمكن أن يعمل في بيئة جافة ذات نسبة رطوبة بمقدار 4% فقط، وينتج الهيدروجين الأخضر (وليس العادي) بشكل مستدام مع تأثير ضئيل على البيئة.
هذا الاكتشاف العلمي فتح الباب على مصراعيه لاحتمال استفادة المناطق النائية القاحلة وشبه القاحلة من تكنولوجيا الطاقة النظيفة، وفقا للورقة البحثية.
وعلى الرغم من أن الأبحاث المتعلقة بالهيدروجين والهيدروجين الأخضر ما زالت في مرحلة مبكرة نسبيًا، إلا أن العلماء يطمحون أن تكون هذه التكنولوجيا هي النهاية السعيدة لنزاعات الطاقة في العالم.
ما هو الهيدروجين الأخضر؟
من المعلوم أن الماء هو الناتج الثانوي الوحيد لعملية احتراق الهيدروجين، ولهذا ظل الهيدروجين، على مدى عقود، مثيرًا لفضول العلماء باعتباره مصدرًا للطاقة خاليًا من الكربون. إلا أن عملية إنتاج الهيدروجين التقليدية، التي تنطوي على تعريض الوقود الأحفوري للبخار، أبعد ما تكون عن الخلوِّ من الكربون. ويُطلق على الهيدروجين الناتج بهذه الطريقة الهيدروجين الرمادي، وفي حال عزل ثاني أكسيد الكربون عنه، يُعرف بالهيدروجين الأزرق، بحسب مجلة العلوم الأميركية.
أما الهيدروجين الأخضر فأمره مختلف؛ إذ يجري إنتاجه عن طريق التحليل الكهربائي باستخدام آلاتٍ تعمل على تحليل الماء إلى عنصرَي الهيدروجين والأكسجين، دون أي نواتج ثانوية.
وكان التحليل الكهربائي يتطلب، في المعتاد، استهلاك قدر كبيرٍ من الطاقة الكهربية، إلى الحدِّ الذي جعل من غير المعقول إنتاج الهيدروجين بتلك الطريقة. أما اليوم، فقد شهد الوضع تغيُّرًا يُعزى إلى سببين اثنين: أولهما تَوافُر فائض من الكهرباء المتجددة بكميات كبيرة في شبكات توزيع الكهرباء؛ فعوضًا عن تخزين الكهرباء الفائضة في مجموعات كبيرة من البطاريات، يمكن الاستعانة بها في عملية التحليل الكهربائي للماء، ومن ثم "تخزين" الكهرباء في صورة هيدروجين. وأما السبب الثاني فيرجع إلى ما تشهده آلات التحليل الكهربي من زيادةٍ في كفاءتها.
وتسعى الشركات سعيًا حثيثًا إلى تطوير آلات التحليل الكهربي التي بإمكانها إنتاج الهيدروجين الأخضر بالتكلفة ذاتها التي يُنتَج بها الهيدروجين الرمادي والأزرق، وهو الهدف الذي يتوقع المحللون أن تتمكن الشركات من تحقيقه في غضون السنوات العشر القادمة.
وفي الوقت نفسه، شرعت شركات الطاقة في الاستعانة بآلات التحليل الكهربي مباشرةً في مشروعات الطاقة المتجددة. فعلى سبيل المثال، ثمة ائتلاف من الشركات الراعية لمشروع يُسمى "جيجاستاك" Gigastack، يعتزم تزويد مزرعة الرياح البحرية "هورنزي تو" Hornsea Two، التابع لشركة "أورستد" Ørstedبمعدات تحليل كهربي تبلغ قدرتها 100 ميجاوات، من أجل توليد الهيدروجين الأخضر على نطاق صناعي.
رغم عدم إثارته الكثير من الضجة إلا أنه يفرض نفسه:
رغم عدم تسليط الضوء بشكل مكثف على هذه الطاقة المتجددة، إلا أن تسارع الاستثمارات في هذا القطاع تكشف عن المزيد من التطور.
ومن بين الجهود مبادرة Green Hydrogen Catapult، التي أسستها مجموعة الطاقة النظيفة السعودية أكوا باور، ومطور المشروع الأسترالي CWP Renewables، وعمالقة الطاقة الأوروبية Iberdrola وØrsted، فضلاً عن الشركة المصنعة لتوربينات الرياح الصينية Envision، ومجموعة الغاز الإيطالية Snam، وYara، منتج الأسمدة النرويجي.
وتهدف المبادرة إلى إنتاج 25 غيغاواط من الهيدروجين الأخضر - القابل للنقل بسهولة - بحلول عام 2026.
وقد يؤدي هذا الاختراق في النقل إلى دفع تكاليف الهيدروجين إلى أقل من دولارين / كغم، مما يجعله قادراً على المنافسة مع الوقود الأحفوري.