طرح سندات الخزينة للتداول لأول مرة في سوريا على أمل سد عجز الموازنة

أعلنت وزارة المالية السورية إنهاء كافة الإجراءات والموافقات اللازمة لتداول سندات الخزينة الصادرة بموجب المزاد الثاني لعام 2022 اعتباراً من جلسة يوم الإثنين المقبل في سوق دمشق للأوراق المالية.

وأوضح المدير التنفيذي للسوق الدكتور "عبد الرزاق قاسم"، أن هذا الاكتتاب هو الأول من نوعه في سوريا الذي يسمح للأوراق المالية الحكومية بالتداول في سوق الأوراق المالية، وهذا يجعلها أكثر قابلية للتسييل دون الحاجة للانتظار حتى نهاية أجل الورقة وحلول تاريخ استحقاقها.

هذا وتعتبر سندات الخزينة من أنواع الدين الداخلي الذي تفضّل الكثير من الدول استخدامه لتمويل العجز عوضًا عن الدين الخارجي (من صندوق النقد الدولي مثلًا) الذي يترتب عليه شروط صعبة ووصايات على الدولة. لكن الدين الداخلي بدوره يزيد التضخم ويحمل مخاطرًا أخرى جسيمة.

وتتميز سندات الخزينة بأنها قصيرة الأجل وتتراوح مدتها بين 3 أشهر إلى سنة، وتكون ذات مخاطر متدنية (بالوضع الطبيعي). ومحليًا، كانت هذه السندات موجهة فقط للمصارف التي تملك فائضاً من السيولة، بالإضافة إلى أنها تطرح بالليرة السورية.

وفي سوريا جاء خيار بيع سندات الخزينة، كأحد السبل لتأمين جزء من عجز الموازنة العامة للعام الحالي، الذي تجاوز 4 تريليون ليرة، وذلك يعتبر – بشكل أو بآخر – بديلًا عن إصدار أوراق نقدية جديدة لها ضرر فوري على سعر الصرف ومن ناحية زيادة التضخم.

كيف سيجري تداول سندات الخزينة في سوريا؟

شرح "قاسم"، في حديثه لموقع "أثر برس" المحلي، أن التداول على سندات الخزينة سيجري وفقاً للآليات والتعليمات المنصوص عليها في نظام قواعد التداول المعتمد في السوق، إذ يحدد السعر الابتدائي للسند بنسبة 100% من القيمة الاسمية، وتجري عمليات تداول سندات الخزينة حصراً عن طريق الوسطاء الأعضاء في السوق، وخلال أيام التداول الرسمية المعتمدة في السوق، وفي المدة الممتدة ما بين الساعة 10:30 والساعة 13:00.

واعتبر أن طرح سندات الخزينة للتداول سيؤدي إلى تأمين السيولة النقدية؛ فالمالك يستطيع بيع ما لديه من سندات بسعر يتناسب مع المدة الباقية من عمر السند، كما تساهم في تخفيف مخاطر الاستثمار في هذه السندات للمكتتبين، والاستفادة من الفوائد التي سيجري منحها منحاً نصف سنوي بنسبة الفائدة المحددة بناء على العروض المقدمة والمعلن عنها بعد انتهاء أعمال الاكتتاب.

وعبّر عن تأييده لهذه الخطوة قائلًا: "إن طرح سندات وأذونات الخزينة للتداول في سوق دمشق للأوراق المالية بادرة مهمة بالاتجاه الصحيح، وتسهم إيجاباً بالعديد من المؤشرات الاقتصادية والتنموية".

وسبق أن بيّن وزير المالية الدكتور كنان ياغي للموقع ذاته، أن الوزارة تتوسع في الشريحة المستهدفة من هذه السندات؛ فاليوم المتعاملون الرئيسيون هم المصارف وشركات التأمين وصناديق الادخار، وفي مرحلة لاحقة سيُسمحُ للأفراد الدخول إلى المزادات من خلال المؤسسات المالية والمصرفية وغير المصرفية لتتوسع الشريحة التي ممكن أن تدخل إلى هذا الاستثمار.

وأوضح ياغي أنه سيجري تغطية 600 مليار ليرة من العجز الكلي البالغ أكثر من 4 تريليون عبر سندات الخزينة، ونحو 500 مليون ليرة من موارد خارجية، والباقي ستجري تغطيته عن طريق “مصرف سوريا المركزي” كاعتمادات مأخوذة من الاحتياطي لدى المركزي.

ما هي دوافع الحكومة من هذه الخطوة وهل تساهم في تحسين سعر الصرف؟

يرى الخبير بالشؤون الاقتصادية "أدهم قضيماتي"، أن السبب الرئيسي وراء اتجاه الحكومة لطرح السندات في الأسواق، هو محاولة “التمويل بالعجز“، وذلك في ظل العجز المالي الكبير الذي تعاني منه الدولة.

وقال "قضيماتي" وفقًا لما نقل عنه موقع “الحل نت“، إنه مع اقتراب استحقاق السندات القديمة، قامت الحكومة بإعادة طرح سندات جديدة لسداد السندات القديمة، وتقوم بذلك أيضا لتمويل الرواتب، والأجور، والمصاريف المستحقة لفترة معينة.

وأضاف، أن السبب الثاني يكمن في رؤية الحكومة في أن طرح هكذا سندات، بالليرة السورية يقلص الكتلة النقدية في السوق، وبالتالي رفع قيمة الليرة السورية؛ ولكن هذا لن يحصل، لأن عملية إدارة الأوراق النقدية في الاقتصاد السوري، هي عملية غير مدروسة.

يشار إلى أن الحكومة السورية، تسعى جاهدةً منذ أشهر إلى تجفيف السيولة النقدية، والسيطرة على الكتل النقدية الكبيرة بالليرة السورية، ما أدى إلى خسائر كبيرة بالنسبة لرجال الأعمال أصحاب الاستثمارات الصغيرة والمتوسطة، إضافة إلى أن بورصة دمشق تعاني من محدودية التداول حتى الآن.