4 دول عربية تلتمس المساعدة من صندوق النقد الدولي وتتورط بديون فوق ديون

يقال إن الوقوع في فخ الديون مرة واحدة يعني احتمالية الوقوع فيه للأبد، وكلما طال العهد على تلك الديون سيزيد ذلك من عمق الحفرة وصعوبة الخروج منها. ينطبق هذا الأمر على الدول كما ينطبق على الأفراد، إذ نجد بعض البلدان العربية تعمق من ديونها مع كل نائبة اقتصادية، حتى وصلت 4 منها إلى مرحلة أنها تبحث عمن يدينها ولا تجد.

ولطالما كان صندوق النقد الدولي الخيار الأبرز للدول العربية، في ظل مخاوف تبديها المؤسسات المالية الدولية الأخرى على تقديم التمويل لها، دون الحصول على ثقة الصندوق، لكن الحصول على موافقة الصندوق باتت مهمة عسيرة وتتطلب مفاوضاتٍ صعبة.

أولًا: مصر... ديون ثمنها التضحية بالجنيه

في شهر مارس/ آذار الماضي، أعلن صندوق النقد الدولي أن مصر طلبت مساعدته لبرنامج إصلاح اقتصادي يرافقه تمويل لم تعلن عن قيمته حتى اليوم.

وفعلا، بدأت مصر والصندوق مشاورات وصولا إلى مباحثات متقدمة، لكن حتى اليوم لم يعلن بشكل رسمي التوصل لاتفاق، رغم أن القاهرة نفذت رزمة إصلاحات، أهمها تحريك سعر الصرف قليلا. علمًا أن صندوق النقد الدولي يطالب بشروط صعبة ومضرة بالعملة المصرية على أنها "إصلاحات اقتصادية".

وبينما لم يعلن رسميا عن قيمة القرض، توقع بنك غولدمان ساكس أن تلجأ مصر لاقتراض 15 مليار دولار من صندوق النقد الدولي.

وفي تقريره الشهري حول الاقتصاد المصري في أغسطس/ آب الماضي، قال البنك إن مصر تحتاج إلى تأمين هذا المبلغ لتلبية متطلبات التمويل على مدى السنوات الثلاث المقبلة.

وتعاني مصر أزمة اقتصادية متصاعدة، ناجمة بشكل أساسي عن تبعات الحرب الروسية الأوكرانية، وهروب الأموال الساخنة من أدوات الدين المصرية، وارتفاع حاد في كلفة الواردات تجاوزت 90% عن الشهور الاعتيادية.

ثانيًا: تونس... مشاكل سياسية بنكهة اقتصادية

بدأت تونس مفاوضات غير رسمية مع صندوق النقد منذ أكثر من 13 شهرا، وذلك بغية الدخول في برنامج إصلاح اقتصادي جديد، يفضي إلى تمويل لا تزيد قيمته على 4 مليارات دولار.

ومطلع يوليو/ تموز الماضي، انطلقت مفاوضات رسمية بين صندوق النقد الدولي وتونس، سعيا للتوصل إلى اتفاق للحصول على قرض بقيمة 4 مليارات دولار لاستكمال موازنتها لعام 2022.

ويتضمن البرنامج الإصلاحي للحكومة التونسية إصلاحات مالية وضريبية، تهدف إلى دفع النمو والاستثمار وتحسين مناخ الأعمال، ومنها إعادة هيكلة المؤسسات العمومية والتحكم في كتلة الأجور.

وتعاني تونس أزمة اقتصادية ومالية تفاقمت حدتها جراء تداعيات جائحة كورونا والحرب في أوكرانيا، إضافة إلى عدم استقرار سياسي تعيشه البلاد منذ أن بدأ الرئيس قيس سعيد فرض إجراءات استثنائية في 25 يوليو/ تموز 2021.

والاثنين، اتهمت المعارضة الرئيس "قيس سعيد برهن" بأنه يرهن البلاد لصندوق النقد، وسط انهيار شبه كلي لمنظومة الإنتاج في أكثر من مجال وقطاع وتراجع في الادخار وبالتالي غياب الاستثمار.

ثالثًا: لبنان... قانون السرية المصرفية

منذ أبريل/ نيسان الماضي، توصل لبنان وصندوق النقد إلى برنامج إصلاح اقتصادي ومالي شامل بشكل مبدئي، مما يمهد لحصول البلاد على قرض بقيمة 3 مليارات دولار، بعد محادثات أولية غير رسمية دامت أكثر من عامين.

لكن حتى اليوم، لا يزال الصندوق يطلب المزيد من الإصلاحات، آخرها الخميس الماضي، عندما أبلغ لبنان بأن قانون السرية المصرفية الخاص به تشوبه أوجه قصور رئيسية.

وقانون السرية المصرفية المعدل الذي أُقر في يوليو/تموز الماضي، يعتبر نسخة مخففة من المسودة الأصلية، مما أثار مخاوف من أن صندوق النقد لن يعتبره فعالا بما يكفي ليكون إجراء إصلاحيا حقيقيا.

ويتضمن القانون تعديلات في لجنة المال والموازنة البرلمانية تأميناً للشفافية ومكافحة الفساد وتبييض الأموال والإزهاب ومنع التهرّب الضريبي والإبقاء على السرية في كل ما لا يتصل بالمخالفات المذكورة في متن القوانين المقرّة سابقاً كقانون الإثراء غير المشروع وقانون إنشاء الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وقانون الإجراءات الضريبية وقانون مكافحة تبييض الأموال وفق رئيس لجنة المال النائب "إبراهيم كنعان".

ورفض الرئيس اللبناني "ميشال عون"، الأربعاء الماضي، توقيع مشروع القانون لإجازته وأعاده بدلا من ذلك إلى مجلس النواب لإجراء مزيد من التعديلات عليه.

رابعًا: السودان... فريسة للصندوق وأجندة خفية

في يونيو/ حزيران 2021، أقر صندوق النقد الدولي قرضًا بقيمة 2.5 مليار دولار للسودان، وأبرم اتفاقا تاريخيا مع البنك الدولي يقضي بتخفيف قدره 50 مليار دولار من ديونه.

غير أن تنفيذ الاتفاق لم يتم بالكامل، بعد أحداث شهدتها البلاد في أكتوبر/ تشرين الأول 2021، شملت قيام الجيش السوداني باحتجاز رئيس الوزراء عبد الله حمدوك حينها، لفترة وجيزة.

ومنذ ذلك الحين حتى اليوم، لم يسر اتفاق الصندوق مع السودان كما كان مقررا له، بانتظار عودة الاستقرار السياسي الكامل في البلاد التي تواجه متاعب اقتصادية متصاعدة.

وكان الخبير الاقتصادي "الفاتح محمود"، قد أعرب عن قناعته أن السودان دائماً ما يقع ضحية لصندوق النقد الدولي عقب كل ثورة شعبية أو أزمة سياسية. وأوضح أن السودان أصبح "صيدا سهلا" لسياسات الصندوق مع وزراء مالية خلفياتهم الوظيفية والاقتصادية من البنك الدولي ومؤسسات النقد الدولية.