روسيا تدرس شراء عملات الدول الصديقة بقيمة 4 مليار دولار شهريًا لكبح صعود الروبل

تدرس موسكو تنويع ودعم احتياطياتها من العملات الأجنبية بمنأى عن عملات الدول "غير الصديقة" كاليورو والدولار والإسترليني، وذلك بهدف الكبح من جماح الروبل الذي يستمر بالصعود من جهة، ودعم الحلف الروسي في وجه المعسكر الاقتصادي الغربي من جهة أخرى.

وتأتي الصين على رأس الدول التي يرغب الروس في شراء عملتها، ومن المتوقع أن تقوم موسكو بشراء ما قيمته 3 إلى 4 مليارات دولار من اليوان الصيني شهريا حتى نهاية العام الحالي.

ومع حصول الروس على إيرادات وفيرة من النفط الذي يباع بالروبل، بات من الضروري سد النقص في احتياطي العملات الأجنبية، وذلك بدون شراء عملات الدول "غير الصديقة" التي جمدت حوالي نصف الاحتياطيات الأجنبية للبلاد بعد غزو روسيا لأوكرانيا.

الجدير بالذكر أن استراتيجية "شراء العملات بموجب قاعدة الميزانية"، التي تحوّل فائض إيرادات النفط إلى صندوق للثروة، جرى تعليقها في أوائل 2022. ويحتاج قرار إعادة تفعيل قاعدة الميزانية لموافقة من الرئيس "فلاديمير بوتين"، وفقا لـ"رويترز".

وعقد مسؤولون كبار من الحكومة والبنك المركزي وبنوك تجارية رئيسية اجتماعا رأسه رئيس الوزراء "ميخائيل ميشوستين" في موسكو في 30 أغسطس/ آب الماضي لمناقشة تطوير النظام المالي الروسي. وأشار المقترح الذي ناقشه الاجتماع إلى أنه سيكون من العملي لروسيا أن تشتري ما قيمته 16 مليار دولار من اليوان الصيني بحلول نهاية العام.

الروبل الروسي من أكثر العملات صعودًا وازدهارًا في 2022:

في مايو/ أيار الماضي، نشرت وكالة “بلومبرغ” تقريرا حددت فيه العملات التي صعدت بأعلى وتيرة أمام نظيرتها الأمريكية هذا العام، وقالت إن الروبل الروسي أصبح العملة الرائدة في العالم من حيث القوة مقابل الدولار في عام 2022.

ويتم تداول العملة الروسية اليوم عند مستوى 60.87 روبل للدولار، بعد أن كانت قد تراجعت في النصف الثاني من شهر مارس/ آذار الماضي إلى مستويات تاريخية، تجاوزت مستوى 140 روبلا للدولار.

وفي حديث لـRT عبر "أناتولي بوبوف" نائب رئيس مجلس إدارة مصرف “سبيربنك”، أكبر مصرف روسي في منتدى الشرق الاقتصادي الروسي، عن رأي مفاده بأن سعر صرف العملة الروسية الراهن يعد متوازنا للاقتصاد الروسي ولعمليات الاستيراد والتصدير.

وعن العوامل التي تؤثر على سعر صرف الروبل، أشار إلى أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية، والتي يساهم ارتفاعها في زيادة عائدات روسيا المقومة بعملات أجنبية (دولار، يورو).

كذلك لفت الخبير المصرفي إلى تراجع الاستيراد الأمر الذي حد من الطلب على العملة الأمريكية في روسيا، وتوقع أن يكون سعر صرف العملة الروسية حتى نهاية العام الجاري (2022) في نطاق 57 – 65 روبلا للدولار.

لماذا ترغب روسيا بكبح جماح ارتفاع الروبل أو تخفيض سعره؟

يبدو الأمر في البداية غريباً بعض الشيء على مسامعنا، خصوصاً إذا تعودنا الربط بشكل مباشر بين انخفاض قيمة عملة بلد ما وتدهور اقتصاده، لنعتقد أن انخفاض سعر العملة يعني بالضرورة تدهور اقتصاد البلد، لكن الأمر ليس دائماً كذلك.

تلجأ الدول إلى قرار تخفيض قيمة عملاتها الوطنية بشكل أساسي من أجل إعادة التوازن إلى موازينها التجارية التي تعرف عجزاً بنيويا، أو على الأقل للتخفيف من حجم هذا العجز. فإن تخفيض قيمة العملة الوطنية يؤدي إلى جعل أسعار السلع المستوردة أغلى بالنسبة للمقيمين، مما يُفترض أنه سيحد من شراء السلع القادمة من الخارج ويشجع الإقبال على المنتجات الوطنية.

وإذا حصل ذلك، فنتيجته الطبيعية هي تراجع حجم الواردات ونقص فاتورتها بالعملات الأجنبية. وبالمقابل، تصبح أسعار السلع المصنعة محليا أرخص بالنسبة للأجانب، مما يُفترض أنه سيعزز القدرة التنافسية للمنتجات الوطنية ويرفع بالتالي من حجم الصادرات إلى الخارج. وإذا تراجعت الواردات وتضاعفت الصادرات بما يكفي، فإن ذلك يعيد الميزان التجاري إلى حالة التوازن.

وقد تلجأ بعض البلدان لقرار تخفيض قيمة عملتها بهدف تحفيز الإنتاج الوطني من أجل الرفع من نسبة النمو الاقتصادي والحد من البطالة من خلال التوظيف وتوفير مناصب العمل الجديدة المواكبة لزيادة الإنتاج.