فاتورة المعيشة لأسرة سورية متوسطة في شهر أيلول 2022... رقم قياسي جديد

على الرغم من انخفاض أسعار السلع الغذائية على المستوى العالمي، إلا أن نسب التضخم في سوريا ما تزال في تزايدٍ مستمر، وذلك بالتزامن مع وصول سعر صرف الدولار مقابل الليرة إلى مستويات الـ 4500 من جهة، وانخفاض القوة الشرائية لدى السوريين نتيجة التدني الشديد في الدخل من جهة أخرى.

كل ذلك تسبب في ارتفاع تكلفة معيشة الأسرة السورية المتوسطة من خمس أفراد إلى ما لا يقل عن 3 ملايين ليرة شهريا.

من أين يأتي هذا الغلاء؟

تطرقت صحيفة "البعث" المحلية في تقرير حديث إلى قضية الارتفاع المستمر في الأسعار خصوصًا المواد الغذائية كالسكر والمتة، وبعض الخدمات كأجرة التاكسي، لتكون النتيجة أن "هناك بورصة نشطة ومفتوحة الاحتمالات والأرباح".

تقول الصحيفة في تقريرها: "سعر السكر حاليا يتجاوز الـ 6 آلاف ليرة، وأجرة التاكسي باتت بالآلاف أيضا حسب الوجهة، والمتة النصف كيلو أكثر من 12 ألف ليرة، و7 آلاف للعلبة 250 غراما، بالإضافة إلى ندرتها في الأسواق، ما أدى إلى تضاعف أسعارها إلى أرقام فلكية عند مقارنتها بمستوى الدخل وتحديدا الرواتب والأجور، فراتب الموظف بالكاد يشتري 10 علب من تعبئة النصف كيلو".

وإذا كنا سنعمد إلى المقارنة، ففي عام 2010 كان سعر كيلو السكر يتراوح ما بين 15 و25 ليرة، وأجرة التاكسي أيضا بـ 25 ليرة وعلبة المتة بـ 25 ليرة، وحاليا فإن سعر العلبة نفسها 5500 ليرة في المحلات.

وتوصلت الصحيفة، بعمليات حسابية بسيطة وبالاقتباس من العمليات الحسابية التي أجراها الخبراء والباحثون الاقتصاديون سابقا، إلى أنه إذا كان وسطي الرواتب 15 ألف ليرة في العام 2010، فهذا يعني أن وسطي الرواتب في العام 2022 يجب أن يكون 3 ملايين ليرة لتبقى القوة الشرائية لدخل الموظف.

وإذا كان سؤالنا "من أين يأتي الغلاء"، فقد أجاب الخبير الاقتصادي "حسن سليمان"، في تصريحاتٍ نقلها موقع "الحل نت"، أن الفساد هو أحد أهم الأسباب لارتفاع الأسعار في سوريا، فجميع التجار يدفعون رشاوي طائلة للمسؤولين والحواجز لكي تمر بضائعهم بين المحافظات ومن المعابر والمرافئ البرية والبحرية والجوية، وهذه الرشاوى تضاف إلى الرسوم التي تفرضها الحكومة سواء كانت رسوما جمركية أو ضرائب، وبالنتيجة فإن المواطن سيتحمل هذه الرسوم والضرائب والرشاوي بشكل إضافة على الأسعار.

موجة الغلاء لم تنته بعد:

في السياق ذاته، نقل تقرير الصحيفة عن أحد مستشاري رئاسة مجلس الوزراء، أن الأيام القادمة ستشهد ارتفاعا متصاعدا في الفاتورة الغذائية للأسرة السورية، ليكون مؤشرا على المستوى المعيشي الذي سيتراجع بشكل حاد.

كل ذلك يفرض على العائلات أن تطبق أنظمة تقنين على نفسها بالنوعية والكم وبشكل كبير نظرا لصعوبة الحصول على أبسط الحصص الغذائية، فالأسرة تحتاج الآن أكثر من مليون ليرة شهريا لتأمين احتياجاتها الغذائية دون النقل والاستطباب والدراسة واللباس وأجرة المنزل.

وأكد التقرير أن الجهات المعنية لا تملك إجابات غير تلك المبررات التي تعلق دائما على مشاجب الحصار رغم أن الحقيقة غير ذلك.

يذكر أنه على الرغم من الاستقرار في الآونة الأخيرة للأسعار العالمية التي ارتفعت بعيد الغزو الروسي لأوكرانيا، وتوقف سلاسل التوريد العالمية، والتي عادت مؤخرا بعد اتفاق استئناف تصدير الحبوب، بقيت الأسعار تميل للارتفاع بشكل مستمر في سوريا دون وجود أي مبرر لذلك.