هدر 8 مليارات ليرة سورية شهريًا على السيارات الحكومية ولمآرب شخصية
كشف تقرير حديث نشرته صحيفة مقربة من الحكومة، أن السيارات الحكومية تستهلك وحدها 8 مليارات ليرة سورية شهرياً ثمناً للبنزين فقط. حيث تعتمد سوريا على أضخم أسطول من السيارات السياحية القديمة والمتهالكة التي تتميز بأنها غير اقتصادية وتهدر الوقود، وهو الأكبر بين حكومات الدول المجاورة.
بحسب مدير النقل الطرقي في وزارة النقل "محمود أسعد"، تمتلك الحكومة 14 ألفاً و225 سيارة سياحية، تزيد سعة محركاتها على "1600 cc"، في حين يصل عدد السيارات الخاصة من ذات النوع إلى 160987 سيارة.
استنزاف هائل من بنزين السوريين الثمين ولأغراض شخصية:
أكد أحد أصحاب مكاتب السيارات أن هذا النوع من العربات السياحية، والتي تصل سعة محركها إلى 1600 cc تسير 160 كيلو متراً في (التنكة)، أي أنها في حال كانت تسير يومياً 30 كيلو متراً ستحتاج شهرياً إلى 9 (تنكات)، لافتاً إلى أن أغلب السيارات الموجودة في سورية قديمة وغير اقتصادية.
من جانبه بيّن الأستاذ في كلية الاقتصاد الدكتور "حسن حزوري" أن ما يميز هذا الأسطول من السيارات الحكومية هو قدمه وتهالكه وحاجته الدائمة للإصلاح والصيانة، وهو ما يجعل منه أحد أسباب الهدر والفساد.
واعتبر أن قسماً كبيراً من هذه السيارات غير مجدٍ اقتصادياً، ويضاف إلى ذلك أن قسماً كبيراً منها يستخدم لغير الأغراض المخصصة لها كأن تستخدم لخدمات منزلية وعائلية وشخصية، وليست لخدمة المؤسسة التابعة، لها بمعنى أنها لا تسهم بشكل مباشر أو غير مباشر في خدمة الإنتاج الخدمي أو الحقيقي الذي أوجدت من أجله.
وحول الإحصائيات الرسمية التابعة لوزارة النقل، قال أستاذ الاقتصاد: "إذا كان عدد السيارات الحكومية ذات سعة المحرك أكبر من 1600 cc يبلغ 14225 سيارة من مختلف الفئات، فبمقارنتها بعدد السيارات الخاصة البالغ 160987 سيارة، وبحسبة بسيطة نجد أن نسبة السيارات الحكومية تبلغ نحو 9 بالمئة، وهذه نسبة لا يستهان بها، وتستهلك قسماً كبيراً من النفقات الجارية للحكومة".
وأضاف الدكتور: "إذا تكلمنا عن حجم الاستهلاك من البنزين من دون نفقات الصيانة، فعلينا تقسيم السيارات الحكومية إلى شرائح أكثر تفصيلاً، مثلا بين 1600 و2500 cc وبين 2501 و3000 cc، وأكبر من 3500 cc، حيث نجد أن تنكة البنزين (20 لتراً) تكفي لقطع مسافة بين 160 كم للشريحة الأولى و60 كم للشريحة الأخيرة، يضاف إلى ذلك قدم السيارات، ولاسيما السيارات التي يزيد عمرها عن 10 سنوات التي تستهلك كميات أكبر من البنزين، وتحتاج صيانة وإصلاح أعطال، فماذا يكون حال السيارات التي يزيد عمرها عن 25 عاماً؟!".
ولمعرفة استهلاك البنزين، أجرى "حزوري" عملية حسابية، تبين بموجبها أن مجموع السيارات الحكومية تقطع يومياً 427,650 كيلو متراً وتحتاج إلى كمية 4267 تنكة بنزين أي 85,340 لتر بنزين يومياً!
وتباع موضحًا: "إذا افترضنا أن أيام العمل الشهري هي 26 يوماً فقط، فيكون استهلاك السيارات من البنزين شهرياً 2.2 مليون لتر شهرياً على الأقل، وتصل قيمتها بسعر التكلفة الحالي إلى ما يزيد عن 8 مليارات ليرة شهرياً، وذلك بافتراض عدم وجود سيارات تعمل أيام العطل الأسبوعية".
استبدال الأسطول المهترئ بسيارات جديدة!
على الرغم من الوضع الاقتصادي المزري الذي تمر به البلد، والثقل الكبير الذي تتحمله الخزينة، إلا أن "حزوري" ارتأى أنه من المجدي اقتصادياً، استبدال السيارات الحالية وبشكل تدريجي من السيارات الأقدم إلى الأحدث.
وفضّل أن يتم الاستبدال بسيارات تعتمد على الطاقات المتجددة أو السيارات الكهربائية. علمًا أن السيارات الكهربائية باهظة الثمن وتحتاج بالدرجة الأولى للكهرباء الغائبة في سورية!
ونصح "حزوري" أن يتم الاقتداء بالقيادة المركزية لـ"حزب البعث"، حين استبدلت معظم سيارات الفروع والشعب بسيارات حديثة، معتبراً ذلك إجراءً لمنع الهدر والفساد.
يذكر أن السيارات الحديثة تتوفر في سوريا بعدة طرق، أحدها عن طريق مصادرتها من المناطق الحرة ثم بيعها في مزادات علنية. ويقوم بعض الأشخاص "الواصلين وذوي السلطة" بجلب سيارات حديثة مستفيدين من حملهم لتصريحات "مهام أمنية"، ثم يبيعونها بعد انتهاء المهمة، أو يضعونها في الأسواق الحرة لبيعها لاحقًا، وهو الأسلوب الذي أمّن للحكومة أرباحاً بمقدار 27 مليار ليرة، أواخر العام الماضي، بعد أن باعت 500 سيارة بهذه الطريقة.