صعود كبير لإيجار العقارات في سوريا... مبالغ أعلى للمناطق المخدّمة
يشتكي الأهالي في سوريا من ارتفاع أسعار الإيجارات بشكل كبير في الآونة الأخيرة، خصوصًا في حلب والعاصمة دمشق، واللافت أن المناطق المخدمة أو القريبة من البلد تشهد بالذات "غلاءً جنونيًا وأسعارًا فلكية".
في العاصمة دمشق على سبيل المثال، أكد أحد الدلالين (أصحاب المكاتب العقارية) أن الإيجارات تفاوتت من منطقة لأخرى وفق تصنيف هذه المنطقة وقربها من مركز المدينة أو في الضواحي، فتراوح إيجار الشقة المكسية في منطقة كفرسوسة من 5 ملايين إلى 10 ملايين ليرة شهرياً للمنزل الذي لا تتجاوز مساحته 70 م2.
وفي منطقة مشروع دمر وصلت الأسعار إلى أرقام فلكية للشقة المفروشة، وهناك من يسكن على العظم كما يقال وبأسعار تفوق كل التوقعات مقارنة بوضع البناء الخالي من أي مقومات سكنية.
في حين تقلّ الإيجارات تدريجياً بحسب المنطقة وبعدها عن المركز، بعضها يتجاوز الـ 8 ملايين ليرة شهرياً، ولا تقلّ عمومًا عن 200 ألف ليرة مهما كانت المنطقة شعبية وبعيدة.
وأمام هذه الظروف العصيبة فضل الكثيرُ من المستأجرين العودة إلى مناطقهم والسكن في منازلهم بغضّ النظر عن واقعها الخدمي السكني، فقد أرهقتهم الإيجارات ولم تعد الظروف تسمح لهم بالاستمرار.
ويعاني الناس من مشكلة أخرى إلى جانب الإيجارات الباهظة هي قصر فترة عقد الإيجار، الذي يكون لثلاثة أشهر فقط، وذلك لحرص المؤجر على مواكبة الواقع المعيشي وارتفاع الأسعار.
ويؤكد خبراء العقارات، كما نقلت عنهم صحيفة "الوطن"، أن الأيام القادمة ستشهد ارتفاعاً كبيراً في سوق الإيجارات لارتباطها الوثيق مع الواقع المعيشي والغلاء وارتفاع الأسعار ومحاولة تعويض المالكين للفجوة المعيشية عبر رفع متواتر للإيجارات.
في الاتجاه المقابل، يعتبر المؤجر هذا الاستثمار (البيت الذي يعرضه للإيجار) مصدر رزقه لمواجهة الأعباء المعيشية التي لا ترحم وسط ارتفاع جنوني في أسعار مختلف المواد ونسب التضخم.
أسواق العقارات والبناء بسوريا... الأسعار والتحديات:
أوضح الخبير الهندسي الدكتور "محمد الجلالي"، أن تجارة المنازل اليوم تعاني من حالة ركود وذلك بسبب انخفاض القدرة الشرائية لليرة السورية وتغيرها بشكل دائم.
وأضاف: "من يلجأ اليوم إلى بيع منزله للتجارة فيه واستئجار منزل آخر للسكن فهو يقوم بذلك لأن أسعار العقارات تعتبر مرتفعة مقارنة بالدخل، لذلك يبقى الإيجار مقارنة بالتملك أقل كلفة استثمارية، وبالتالي من الممكن أن يحقق الشخص قيمة مضافة من خلال بيع وشراء المنازل".
وأشار إلى أن ارتفاع أسعار العقارات أمر طبيعي وخاصة أمام التضخم الجامح وغير الواضح الذي تعيشه البلاد، معتبراً أن ارتفاع أسعارها أقل من الارتفاع في معدلات التضخم، وإذا تم مقارنة أسعارها بمؤشر أسعار المستهلكين؛ أي ارتفاع المستوى العام للأسعار مقارنة بما قبل الأزمة، نرى أن أسعار العقارات انخفضت، والمشكلة تكمن في تراجع الدخل.
ويضيف: "إذا قسنا ارتفاع الأسعار وفق تغيرات أجور التكسي على سبيل المثال، تبلغ اليوم أجرة التكسي من منطقة التضامن إلى وسط العاصمة 10 آلاف ليرة، في حين كانت قبل الأزمة 25 ليرة، أما المنزل في نفس المنطقة الذي يبلغ سعره 50 مليون ليرة فكان سعره قبل الأزمة مليون ليرة، أي إن المنازل ارتفع سعرها 50 مرة فقط في حين التكاسي ارتفع سعرها 400 مرة".
وأشار إلى أن سعر المتر في العاصمة يصل إلى 20 مليون ليرة، أي إن سعر الشقة التي تبلغ مساحتها 100 متر في منطقة كفرسوسة يتراوح بين 2-3 مليارات ليرة، معتبرًا أن هذا ليس رقماً كبيراً، أما سعر ذات الشقة في ضاحية قدسيا فيصل إلى 500 مليون ليرة أي إن سعر المتر الواحد يبلغ 5 ملايين ليرة.
إلى جانب ما تم ذكره أعلاه، لدينا قضية الارتفاع الكبير لمواد الإكساء والبناء، حيث وصلت تكاليف الإكساء الجيّد للمتر مربع الواحد إلى 600 ألف ليرة.
وأكد صاحب مكتب للعقارات، أن أسعار العقارات منذ بداية العام الحالي وحتى اليوم لم ترتفع أكثر من 5 بالمئة، لافتاً إلى أنه في عامي 2020 و2021 أي بعد تفشي وباء فيروس كورونا ارتفعت الأسعار إلى نحو 50 بالمئة، وكانت تجارة العقارات مزدهرة في السابق، ولكن – وإضافة إلى صدور قانون البيوع – تسبّب دخول الكثير من الأشخاص إلى هذا السوق وقيامهم بطلب أسعار وأرباح خيالية تأثر هذا السوق سلباً.
وحول متوسط الأسعار، كشف صاحب المكتب أن سعر أي منزل بأسوأ منطقة في جرمانا يتجاوز الـ 100 مليون ليرة، أما المناطق الجيدة فيتراوح سعر المنزل فيها بين 300 – 600 مليون ليرة، وينخفض السعر إلى نحو 60 مليون ليرة في المناطق المحررة بالغوطة.