زيادة كبيرة بساعات تقنين الكهرباء في سوريا والسبب الأساسي ليس موجة الحر

يشتكي الأهالي في غالبية المحافظات السورية من تراجع متسارع وكبير في ساعات التغذية الكهربائية، وقد اعتقد البعض أن السبب يكمن في زيادة الضغط على الشبكة نتيجة موجة الحر. وعلى الرغم من أن ذلك هو أحد الأسباب لكنه ليس المشكلة الرئيسية هذه المرة.

فقد كشف مصدر في وزارة الكهرباء عن انخفاض حجم التوريدات من الغاز إلى حد غير مسبوق بلغ 6.5 ملايين متر مكعب يومياً، ما كان سببًا أساسيًا في تراجع حجم إنتاج الطاقة الكهربائية لنحو 1900 ميغا واط.

حصص الكهرباء للمحافظات والقطاعات السورية المختلفة:

عن آلية توزيع الطاقة بين المحافظات، أكد المصدر أنه يتم تأمين المنشآت الحيوية مثل المشافي ومضخات المياه والمنشآت الصناعية خاصة في المدن والمناطق الصناعية، في حين يتم تزويد حلب بأكثر من 400 ميغا واط وريف دمشق تحصل على حصة مشابهة وبعدها دمشق ثم اللاذقية حيث يتم توزيع الكهرباء على الشبكة وفق معايير ومحددات تراعي الكثافات والتجمعات السكانية.

وعن حالة توزيع الطاقة الكهربائية المولدة على مستوى القطاعات أظهرت بيانات الوزارة أن حصة الاستهلاك الصناعي من الكهرباء بحدود 22 بالمئة، مقابل نحو 48 بالمئة تذهب للاستهلاك المنزلي.

علاوةً على حصة تبلغ 20 بالمئة معفاة من التقنين لتغذية المنشآت الحيوية التي تؤمن الخدمات الأساسية للمواطنين مثل المشافي والمطاحن ومحطات ضح المياه.

وأكد المصدر أن الوزارة تتجه إلى توزيع أعباء التقنين بين مختلف القطاعات الصناعية والتجارية والمنزلية وغيرها، للحفاظ على حالة توازن في معدلات التقنين وتحقيق أكبر قدر من العدالة للطاقة الكهربائية المتاحة عبر التوليد في الظروف الحالية.

يذكر أن وزارة الكهرباء تبحث في مشروع يلزم الصناعيين باستخدام الطاقات البديلة (الشمسية والريحية) بدلاً من الطاقة التقليدية لتأمين جزء من احتياجاتهم من الكهرباء لتشغيل خطوط الإنتاج والمكنات.

لكن الخبراء يشككون بمدى جدوى الاعتماد على الطاقة المتجددة في المجالات الصناعية، ويؤكدون أن أي حل سوى تأمين الكهرباء النظامية وإصلاح المنظومات والمحطات الكهربائية، هو حل مؤقت و "ترقيعي".

وتتجه وزارة الكهرباء إلى إعادة تأهيل وصيانة العديد من مجموعات التوليد أهمها مجموعات التوليد في محطة حلب ومحطة الرستن باللاذقية، لكنها تولي الاهتمام الأكبر لمشاريع الطاقة المتجددة، حيث أوضحت مديرة تنظيم قطاع الكهرباء والاستثمار في وزارة الكهرباء "هيام إمام" أنه يتم العمل على التعاون مع هيئة الاستثمار السورية لتسهيل إجراءات الحصول على تراخيص لمشروعات الطاقات المتجددة التي حسب قانون الاستثمار يتم الحصول عليها بمدة لا تتجاوز الثلاثين يوماً من تاريخ تقديم الأوراق.

هل كان قطاع الكهرباء على ما يرام قبل الحرب؟

قبل الحرب، في العام 2011، كانت البنية التحتية للكهرباء في سوريا بالكاد تفي بالغرض، إذ سجّل القطاع خسائر كبيرة في الإنتاج والنقل جرّاء الانقطاع المتكرّر بسبب الأحمال الزائدة على شبكة الكهرباء، ولا سيما خلال الصيف.

وبلغت نسبة الطاقة المفقودة حوالي 26%، في حين وصل انقطاع التيار الكهربائي إلى 43 يومًا في السنة، مع العلم أن التعرفة كانت منخفضة بسبب الدعم الحكومي الكبير، بحسب تقييم لمركز “مسارات الشرق الأوسط للسياسات الاستشارية والاستراتيجية”، نُشر في أيلول 2021.

واليوم، صار نصيب الفرد من استهلاك الكهرباء ما يعادل 15% ممّا كان عليه في العام 2010، إذ وصلت ساعات التقنين في حلب على سبيل المثال، في بعض أوقات العام، إلى عشر ساعات لكل ساعة أو نصف ساعة من الكهرباء.

وتعرّضت أربع من محطّات توليد الطاقة الـ 14 لأضرار جسيمة، أي ما يصل نسبته إلى 18% من الاستطاعة الاسمية في سوريا كلها ما قبل الحرب.