78 مليار دولار من أموال أثرياء أمريكا تتبخر في 8 دقائق بعد تصريح واحد
في حادثة تفتح أبواب الجدال من جديد حول ماهية الثروة، ومدى حقيقة الأموال الهائلة التي يمتلكها البعض، حدث مؤخرًا، في غضون ثماني دقائق فقط، أن تبخر ما يقارب 78 مليار دولار من ثروات أكبر أغنياء أميركا، بعدما أطلق رئيس مجلس الاحتياطي الفيدرالي "جيروم باول" شرارة تراجع السوق.
في التفاصيل، فقد اختفت 5.5 مليار دولار من ثروة "إيلون ماسك"، كما خسر "جيف بيزوس" 6.8 مليار دولار، مسجلاً أكبر خسارة بمؤشر بلومبيرغ للمليارديرات، كذلك تراجعت ثروات "بيل غيتس" و "وارن بافيت" بمقدار 2.2 مليار دولار و2.7 مليار دولار على التوالي، فيما انخفضت ثروة "سيرغي برين" لأقل من 100 مليار دولار.
حصل ذلك على إثر خطاب "باول" خلال منتدى السياسة النقدية السنوي لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي، حيث كرر التأكيد على أن البنك الفيدرالي مستمر في سياسة الفائدة المرتفعة لفترة من الوقت حتى بهوت مخاوف التضخم.
وهكذا تراجع مؤشر "ستاندرد آند بورز 500" بنسبة 3.4%، ليسجل أسوأ تراجعات يومية منذ منتصف يونيو الماضي، كما انخفض مؤشر "ناسداك 100"، الذي يضم كبرى شركات التكنولوجيا ومن بينها: "مايكروسوفت"، "أمازون"، "تسلا" و"ألفابت" بأكثر من 4%.
في المقابل، أعاد خطاب "باول" للأذهان أن تقييمات شركات التكنولوجيا العملاقة لا تزال مرتفعة وفقاً للمعايير التاريخية، عقب ارتفاعها بشكل غير مسبوق خلال جائحة كوفيد 19، عندما تم تثبيت أسعار الفائدة بالقرب من الصفر.
لماذا تثير الفائدة المرتفعة كل هذه المخاوف والفوضى؟
يشرح المحلل الاقتصادي، في مركز الطاقة العالمي التابع للمجلس الأطلسي "بول سوليفان"، أن "الاقتصاد العالمي مترابط ببعضه البعض عبر العديد من الطرق المعقدة، وبالتالي فإن قرار رفع الفائدة في الولايات المتحدة سيكون له العديد من التأثيرات متعددة الاتجاهات على اقتصاديات باقي دول العالم".
وأوضح أن "الزيادة الجديدة في أسعار الفائدة ستجعل اقتراض الأموال أكثر تكلفة للعديد من الدول والمؤسسات، كما أنها قد تجذب أيضًا الأموال نحو الولايات المتحدة من البلدان ذات معدلات الفائدة المنخفضة، بجانب أنها يمكن أن تجعل الدولار الأميركي أكثر قيمة، وهذا يمكن أن يتسبب في تراجع الاستثمار والإنفاق في الولايات المتحدة".
وأضاف "سوليفان" أنه "عندما يتم خفض الاستثمار والإنفاق، يمكن تقليل الضغوط التضخمية، ومع ذلك، فإن بعض التضخم هو تضخم مستورد، وبالتالي فإن استيراد السلع ذات الأسعار المرتفعة يزيد من تلك الضغوط على معدلات التضخم وخاصة في الأسواق الناشئة".
باختصار فإن الفائدة المرتفعة بالإضافة إلى الظروف الاقتصادية غير المستقرة تجعل الحساب البنكي هو أفضل مكان لحفظ الأموال، فيعزف الناس عن الاستثمار والمخاطرة ويتراجع الإنتاج ويصاب الاقتصاد في مرحلة متقدمة بالركود.
كما تتضمن التداعيات تزايد احتمالية رفع الفائدة في باقي اقتصادات العالم، فغالبًا ما تقرر الكثير من الدول رفع أسعار الفائدة بالتبعية عقب اتخاذ الفيدرالي الأميركي لتلك الخطوة.