هل تحتاج سوريا فئة الـ 10 آلاف وماذا سيحدث لو طُرحت؟

في تصريحات حديثة، أعادت الدكتورة "لمياء عاصي"، وزيرة الاقتصاد السابقة، الطرح والتساؤل بشكل جَدّي حول طباعة عملة ورقية جديدة من فئة الـ 10 آلاف ليرة سورية.

وكتبت "عاصي"، على صفحتها الشخصية في موقع “فيسبوك”، يوم الجمعة الماضي أن "طرح ورقة نقدية من فئة جديدة، هو لتسهيل العمليات اليومية من شراء وبيع، بعد أن تدنت القوة الشرائية كثيرا للعملة الوطنية".

وتابعت الوزيرة السابقة، أن طرح الفئة الجديدة، "لا تحتاج إلى تمهيد، ولكنها تحتاج إلى ثقة الناس بتصريحات المسؤولين الاقتصاديين، بأن إصدار الورقة الجديدة، لن يؤدي إلى زيادة المعروض النقدي الموضوع بالتداول، والذي سيؤدي حتما إلى ارتفاع في معدل التضخم وإلى المزيد من ارتفاع الأسعار".

وذكرت أن "ارتفاع معدلات التضخم ينعكس بشكل سلبي وكبير على الفقراء من الناس، لذلك سوف تنعكس سلبا على وضعهم المعيشي".

وردا على أنه لا يمكن حل المشكلة الاقتصادية بعيدا عن الحل السياسي، الذي بدوره يحتاج لتوافق دولي، أشارت الوزيرة السابقة، إلى أن "الحل السياسي يؤثر بشكل كبير على الأوضاع الاقتصادية، ولكن القوة الاقتصادية أيضا لها دور كبير في إنتاج حلول سياسية جيدة".

هل سوريا بحاجة لفئة نقدية جديدة؟

على وجه العموم فإن الانخفاض السريع في سعر صرف الليرة السورية وقدرتها الشرائية، يتطلب بالضرورة فئة نقدية جديدة لتيسير التعاملات بين الناس، ولتسهيل العمليات التجارية الكبيرة كشراء العقارات وغيرها.

ويؤكد الخبراء أن طرح فئة نقدية جديدة يكون سليمًا من وجهة نظر اقتصادية، إذا كانت كمية الأوراق النقدية الجديدة المطبوعة تساوي كمية الأوراق النقدية القديمة التالفة للتبديل، وإذا كانت كمية الأوراق النقدية الجديدة المطبوعة تساوي مقدار الزيادة بحجم الإنتاج، بحيث يحصل توازن بالأسواق بين كمية الأوراق النقدية المتداولة، مع كمية البضائع المعروضة للبيع، وهنا لن يحصل التضخم النقدي.

خلافا لذلك فسوف يحصل تضخم وتراجع بسعر صرف العملة أمام الدولار. لذلك فإن طباعة عملة ورقية من فئات عالية، هو ليس الحل لمشكلة التضخم النقدي، وإنما هو الحل لمشكلة تداول كميات كبيرة من العملة الورقية.

جانب آخر مهم في هذه المعادلة هو العامل النفسي، فالحقيقة أن الشعب والسوق لا يثق بالحكومة حتى لو ادعت أن طرح الفئة الجديدة لن يتسبب بتضخم الكتلة النقدية بالسوق، وعليه سينخفض سعر صرف الليرة بشكل آني ومباشر فقط بسبب الحالة النفسية السيئة التي سيعايشها السوق عند طرح فئة الـ 10 آلاف.

لذلك فإن الخبراء حتى الآن يرون أن الحاجة لفئة الـ 10 آلاف ليرة سورية، لا توازي المخاطر الناتجة عن طرحها. وحتى تصل هذه المعادلة إلى التوازن، سيظل طرح فئة نقدية جديدة "قرارًا بعيدًا عن الحكمة".

وعلى الرغم من هذا الجدال والأخذ والرد حول الموضوع، إلا أن المركزي السوري ينفي مرارًا نيته لطرح فئة نقدية جديدة.

هل نفي المركزي يعني شيئًا؟

على الرغم من نفي مصرف سوريا المركزي نيته طرح ورقة نقدية جديدة من فئة 10 آلاف ليرة، إلا أن توقعات إصدارها لاتزال تلوح في الأفق. وحتى بعد تأكيدات حاكم المصرف "عصام هزيمة"، استمرار العمل للمحافظة على استقرار أسعار الصرف وكبح التضخم، إلا أن التضخم لم يكبح ولم يتوقف، ولاتزال ارتفاعات الأسعار متتالية للعديد من السلع والخدمات، الأمر الذي أرهق المواطن السوري.

وعلى أي حال لا يعد النفي مسألة معتبرة عند المسؤول السوري، بحسب رأي "خالد تركاوي" الخبير الاقتصادي السوري والباحث في مركز جسور للدراسات، ففي مسألة طرح ورقة خمسة آلاف ليرة سورية، كان المركزي قد نفى ثم أعلن عن طباعتها قبل نحو عامين من إصدارها.

هل حذف الأصفار أفضل من طرح فئة عملة جديدة؟

أوضح "تركاوي"، أن حذف الأصفار من العملة مسألة تقنية نقدية بحتة تحتاج إلى قرار وقدرة على ضبط العملة، وإلا ستشهد الفئات الجديدة انخفاضًا مرات مضاعفة مثلها مثل الوضع الراهن، ولذلك فإن هذه الخطوة ليست ذات جدوى حاليًا، بحسب رأيه.

وتتم عملية استبدال العملة وحذف الأصفار عادة في البلدان المستقرة اقتصاديًا، وتستوجب استقرارًا أمنيًا، واستقرارًا في عمل المؤسسات، ومستوى معقولًا من الناتج المحلي.

كما أن حذف الأصفار يُعتبر تغييرًا وهميًا لقيمة النقود، لا يغيّر من القدرة الشرائية الحقيقية للعملة، ولا يسهم في الحد من معدلات التضخم، ويُكلّف السلطات أموالًا لطباعة الأوراق النقدية الجديدة.