إيقاف دعم الأسمدة في سوريا... هكذا سيؤثر القرار على طعام ومعيشة الناس
في أحدث التطورات حول بيع الأسمدة في سوريا، أصدر المصرف الزراعي، يوم الأربعاء المنصرم، تعميما يقضي بالتوقف عن بيع الأسمدة للفلاحين بالأسعار المدعومة، وبيعها لهم بالأسعار الرائجة.
وأرجع المصرف هذا التعميم الموافق عليه من قبل مجلس الإدارة، إلى قرار اللجنة الاقتصادية بالجلسة 15/ تاريخ 7 نيسان 2021، والمتضمن توجيه المصرف الزراعي التعاوني بالتوقف عن بيع الأسمدة للفلاحين بالأسعار المدعومة، وبيعها لهم بالأسعار الرائجة، بحسب صحيفة "تشرين" الحكومية.
بناءً على ذلك، فإن السماد - مهما كان نوعه – سيباع بعد احتساب تكاليف ومستلزمات الإنتاج الحقيقية، وحسب واقعها الحالي.
وفي تبرير لهذا القرار، كشف مصدر في الإدارة العامة للمصرف الزراعي التعاوني، أن استيراد السماد أصبح مكلفاً جداً من صربيا، وبيعه للفلاحين بالسعر الرائج بالكاد يغطي تكاليف الاستيراد. وأوضح أن كل مستلزمات العملية الزراعية المستوردة ارتفعت أسعارها مؤخراً ما اضطر الحكومة لرفعها على الفلاحين.
ولفت المصدر، في حديثه لصحيفة مقربة من الحكومة، إلى أن ذلك قد يقابله رفع بأسعار المحاصيل في مواسم جنيها.
صدمة للفلاحين... وتداعيات خطيرة:
أكدت صحيفة "الوطن" المحلية، أن قرار رفع سعر السماد وبيعه وفق السعر الرائج للفلاحين، شكّل صدمة كبرى لهم، خصوصاً في منطقة الغاب التي تعد واحدة من أهم سلال سورية الغذائية.
وعبّر الفلاحون عن دهشتهم من هذا القرار الذي سيكون له ارتدادات سلبية كثيرة على العملية الزراعية والإنتاجية، وأهمها وأخطرها عزوفهم عن الزراعة وبشكل خاص عن زراعة المحاصيل الاستراتيجية والتوجه لزراعة المحاصيل التكثيفية ذات التكلفة الأقل.
بدوره بيَّنَ رئيس اتحاد فلاحي حماة "حافظ السالم"، أن هذا القرار سينعكس سلبياً على زراعة المحاصيل الاستراتيجية.
وقال في حديثه للصحيفة ذاتها: "نحن لسنا ضده إذا ما قابله رفع مجزٍ لأسعار المحاصيل التي ينتجها الفلاحون وخصوصاً (القمح والقطن والشوندر) إلى الضعف، حتى توفي العملية الزراعية معهم".
وأوضح أن ارتفاع تكاليف الزراعة والإنتاج خلال السنوات الأخيرة، أضر بالزراعة والفلاحين.
المسمار الأخير في نعش الزراعة السورية:
من جانبه رأى الخبير التنموي "أكرم عفيف"، أن هذا القرار هو المسمار الأخير الذي تدقه الحكومة في نعش الزراعة السورية. وبيَّنَ أنه إذا أرادت الحكومة إحياء الزراعة التي احتضرت وانتهى أمرها، يجب عليها التفكير بعقلية مختلفة وجديدة، لأنه لا يوجد أي مبرر لأن يكون القطاع الزراعي بشقيه النباتي والحيواني خاسر. ويجب تحديد أسعار مجزية للمحاصيل الزراعية.
وأوضح أنه للحفاظ على الزراعة يجب ألا يخسر الفلاح، ولإنعاشها وتطويرها يجب أن يربح الفلاح، ويجب تخفيض تكاليف الإنتاج الزراعي بإيجاد بدائل سورية للمواد المستوردة.
وأكد على ضرورة أن تتدخل السورية للتجارة بالمحاصيل غير المسعرة حكومياً أي بالمحاصيل التي يسعرها السوق، معتبرًا أنها قادرة على ذلك.
وفي نفس الصدد بيَّنَ عضو اللجنة المشكلة لتطوير الغاب "بسام إبراهيم السيد"، أن رفع سعر السماد وخصوصاً اليوريا سيؤثر في الزراعة وستكون له نتائج سلبية، ومنها العزوف عن العمل الزراعي وهجرة الشباب.
وأوضح أن الفلاح الحقيقي يعتبر الأرض عرضه ولا يمكنه تركها، ولكن ظروف الحياة ضيعت البوصلة بالنسبة للشباب، فهناك حركة قوية لهجرة الأرض، فالشباب بحاجة لعمل لتأمين حياتهم، ولا يستطيع الآباء إقناع أبنائهم بالبقاء في ظل الارتفاع الجنوني لكل مستلزمات العملية الزراعية خصوصاً ولكل مقومات الحياة عموماً.
وذكر "إبراهيم" أن منطقة الغاب تعاني من الإهمال والتجاهل، وتحتاج إلى لفتة واهتمام حقيقيين. فقد كان إنتاجها من القمح أكثر من 170 ألف طن، ومن البطاطا أكثر من 15 بالمئة من إنتاج القطر ومن الشوندر أكثر من 30 بالمئة، ومن الأسماك أكثر من 10 آلاف طن، وكان الغاب يغذي الأسواق بكل أنواع الخضار.
وأشار إلى أن نسبة كبيرة من مزارعي الغاب وبسبب التكاليف العالية للإنتاج توجهت نحو الزراعات ذات التكلفة الأقل مثل زراعة الكمون واليانسون وحبة البركة، وللزراعة الأكثر رواجاً في الصيف الجبس البذري.