بعد أن تم استبعاد 6 فئات في أسبوع واحد... أين ولمن تذهب وفورات الدعم في سوريا؟

بلغت قرارات الاستبعاد من الدعم ذروتها في الفترة الأخيرة، حيث شهد الأسبوع الماضي بمفرده رفع الدعم عن ست فئات جديدة. ضمت أصحاب السيارات الفارهة، والعاملين في المحطات الخارجية لوزارة النقل، والحاصلين على بطاقة فيميه جديدة، والمخلصين الجمركيين وأصحاب المهن البحرية والمستفيدين من الخدمة المنزلية الأجنبية.

وقد بلغ عدد الفئات المستثناة خلال الشهرين الأخيرين 14 فئة، ضمت العديد من أصحاب المهن الذين تجاوزت سنوات عملهم العشرة.

كيف تتصرف الحكومة في الوفورات الناتجة عن رفع الدعم؟

ادعت الحكومة في بادئ الأمر أن سياستها لا تتعلق بإزالة الدعم أو تقليله، إنما بتوجيه الدعم نحو الفئات الأكثر استحقاقًا، لكن الواقع أننا لم نرى حتى الآن أي فئات حصلت على دعمٍ أكبر من ناحية الجودة أو الكمية أو الاستمرارية بعدما تم رفع الدعم عن "الفئات غير المستحقة".

ويرى مراقبون أن وفورات الدعم هي وفورات للخزينة لا يحصل الشعب منها على أي نصيب، وتأسيسًا على ذلك تكون قرارات الاستبعاد جميعًا هي عبارة عن تخفيف حمل على الخزينة والميزانية لا أكثر، مما يلغي كلام الحكومة بخصوص توجيه الدعم لمستحقيه جملةً وتفصيلًا.

ولو توقف الأمر عند هذا الحد لكان خيرًا، لكن المقلق أكثر أن العديد من الخبراء قرأوا ما يحدث بأنه تمهيد لإلغاء الدعم تمامًا، فيما اعتبره البعض الآخر توجهاً لإبقاء الدعم لفئة ضيقة جداً.

وقد أيد ذلك تصريحات لوزير التجارة الداخلية منذ مدة قصيرة لوحت بشكل أو بآخر لتحويل الدعم إلى شكله النقدي، خلافاً لما حسمه رئيس الحكومة في إحدى اجتماعاته مع اتحاد العمال بأن الدعم لم ولن يصبح نقدياً، ما يضعنا أمام احتمالات مفتوحة لا يؤكدها توجه ولا ينفيها تصريح.

هل الدعم النقدي ممكن أصلًا؟

إن حالة شبه اليقين السائدة في الشارع بزوال الدعم القريب، يقابلها طروحات الدعم النقدي الذي يشكك الكثيرون بإمكانية تطبيقه من الأساس، في ظل قصور البيانات، وهو قصور لم يتوقف عند حد معرفة من يستحق من غيره، بل تؤكد جهات مطلعة عديدة أن الحكومة تفتقر إلى الحد الأدنى من البيانات فيما يتعلق بالأملاك والأعمال التجارية ومتوسط دخول الفئات غير العاملة بالدولة.

أما الأستاذ في كلية الاقتصاد بحلب "حسن الحزوري"، فيرى أنه من الواضح سير الحكومة بشكل تدريجي نحو رفع الدعم، لكن ما يتسبب بالقلق هو غياب المعايير الموضوعية، أو الاستراتيجية الواضحة لذلك، فالسؤال اليوم كم تشكل هذه الفئات التي رفع الدعم عنها كنسبة مئوية من إجمالي البطاقات الحاصلة على الدعم أساساً، أو حتى كم يبلغ عدد المستثنين حتى اليوم لمعرفة الوفر المحقق من رفع الدعم عنهم؟

أما مصير الوفر المحقق من رفع الدعم عن الكثير من الفئات، والذي يفترض وفق تصريحات الحكومة أن يحول لبند الرواتب والأجور لتحسين المعيشة، فلا يزال حتى اليوم غامضاً بعد أشهر من بداية الاستثناء من الدعم، وارتفاع الأسعار بشكل كبير في الشهرين الأخيرين مقابل ثبات الأجور.

وفي هذا الصدد، يرى "حزوري" أنه من الممكن دمج وفورات رفع الدعم مع وفورات رفع سعر المشتقات النفطية لتستخدم بزيادة الرواتب، موضحاً أنه وحسب معيار الدخل، فإن 80% من السوريين يحتاجون دعماً نقدياً.

لكن الحكومة لا تُظهر أي استجابة لذلك، ولا يبدو الأمر وكأن الوفورات المحققة من رفع الدعم ورفع سعر المحروقات، سيتم استخدامها إلا لترميم الخزينة السورية المتهالكة.