الحكومة السورية تتنبأ باستمرار تدهور الليرة في عام 2023 من خلال أرقام الموازنة
من المعتاد أن تقوم الحكومة في سوريا في الشهر الثامن أو التاسع من كل عام كحد أقصى، بإنجاز مشروع الموازنة العامة للدولة، من أجل رفعه لرئيس الدولة، الذي بدوره يقوم بتحويله إلى مجلس الشعب لمناقشته، ومن ثم تحويله مجدداً للرئاسة من أجل إصدار الموازنة بمرسوم قبل بداية العام التالي.
وما حدث هذا العام، كما أكد موقع "أثر برس" المحلي نقلًا عن مصادر قال إنها مطلعة، أن مجلس الوزراء قد رفع سعر صرف الدولار الأمريكي إلى 3000 ل.س وحدد سعر صرف اليورو بـ3041 ل.س في الموازنة العامة للدولة لعام 2023، على أن يكون هذا القرار نافذاً من تاريخ 1/1/2023.
وقد اعتبرت هذه الخطوة على أنها تنبؤ بسعر صرف رسمي جديد لليرة السوري، بارتفاع 20 بالمائة عن سعر الصرف الرسمي الحالي، ما يشير إلى أن سيناريو تراجع الليرة بشكل أكبر هو أمر محتوم بالنسبة للحكومة خلال العام المقبل.
وتتضمن الموازنة الجديدة الاعتمادات الجارية من رواتب وأجور وتعويضات والنفقات الإدارية والموازنة الاستثمارية سواء بالنسبة للمشاريع الجديدة أم قيد التنفيذ.
الجدير بالذكر أن موازنة عام 2022 بلغت 13.325 مليار ليرة سورية، أي ما يُعادل 5.3 مليار دولار وفق سعر الصرف الرسمي المحدّد حينها بـ 2512 ليرة مقابل الدولار.
ومنتصف شهر آذار، حدد مصرف سوريا المركزي سعر صرف الليرة السورية مقابل الدولار بـ 2814 ليرة للدولار الأمريكي الواحد، كما تم تحديد سعر صرف الليرة مقابل اليورو بـ 3051 ليرة سورية لليورو الواحد، أما بالنسبة لنشرة البدلات فبقي سعر الصرف محدداً بـ 2525 ليرة سورية للدولار الأمريكي الواحد.
أمر خطير لكنه يرمى جزافًا:
في حديثه عن هذا الموضوع وانعكاساته على الاقتصاد، يقول الخبير الاقتصادي الدكتور "سنان ديب" إن سعر الصرف في الموازنة هو تخطيطي فحسب وليس واقعي، يوضع فقط من أجل تقدير حجم المستوردات.
ويتابع الشرح: "بمعنى أنه عندما نضع سعراً نحاول وفق السياسة النقدية أن نحافظ عليه وندافع عنه بحيث يكون تخطيطي سليم، فالموازنة هي شيء تقديري وكمي لمدة سنة."
ويرى الخبير أنه خلال سنوات الأزمة لم يكن هناك توفيق لا بتقدير سعر الصرف ولا بالمحافظة عليه، "فعندما نقول 3000 ليرة سورية سعر صرف الدولار، نرى أن سعره اليوم بالسوق السوداء التي لا نعترف بها هو 4200، وبسبب تقدير سعر الصرف غير الموفق أحياناً، يصبح هناك عجز كبير في الموازنة يقاتل به لتبرير الكثير من القرارات التي لا تخدم الواقع الاقتصاد".
ويحذر "ديب" أن الرقم الإحصائي "هو شيء خطير ويعتبر أمناً اقتصادياً واجتماعياً، لكن ما يحدث أننا نرمي الرقم دون أن نرى انعكاساته الاقتصادية والنفسية".
وختم كلامه بالإشارة إلى أنه لا توجد في سوريا مسؤولية اقتصادية، وكأنه لا يوجد من يراقب الفريق الاقتصادي فالأرقام كأنها تمر بلا استشارية، ودون أن توجد قراءة واقعية للحالة السورية لاستنباط الحلول، ولا يوجد اختيار صحيح للإدارة بحيث تكون قادرة على دراسة الواقع وإيجاد العلاج.