ماذا سيحدث لو اندلعت حرب في تايوان؟ سيناريو تبان حرب أوكرانيا أمامه مشكلة بسيطة

أعلنت الصين مؤخرًا إيقاف مفاوضاتها مع الولايات المتحدة بشأن مجموعة من القضايا الحاسمة، تشمل أزمة المناخ، والحوار بين القيادات العسكرية في البلدين، رداً على زيارة أكبر مسؤول أميركي منتخب يصل إلى تايوان في أكثر من ربع قرن. وقد وصفت الصين الزيارة بأنها "أعمال شريرة واستفزازية".

هذه التوترات جعلت البعض يسألون "ماذا لو حدثت حرب حقيقية في تايوان؟!"، وللإجابة على هذا السؤال يمكن افتراض 4 تأثيرات مدمرة ستطال الاقتصاد العالمي وتجعل حرب أوكرانيا تبان مشكلة بسيطة أمامها هي كما يلي:

أولًا: تعثر المصنع الصيني العظيم الذي يخدم العالم كله

في حال اندلاع الحرب، من المُتوقع أن تُقدم الولايات المتحدة والدول الغربية وبعض الدول الآسيوية على فرض عقوبات اقتصادية على الصين، لكن الصين ليست روسيا ومعاقبتها اقتصاديًا لن تكون بنفس الثمن.

في الواقع فإن العقوبات الاقتصادية على بكين ستكون سلاحاً ذا حدين؛ بسبب أنها مُندمجة بشكل كامل في الاقتصاد العالمي، حيث تسيطر الصين حالياً على 18.2% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي في العام الماضي، خلف الولايات المتحدة البالغة حصتها 23.8%، في حين تمتلك روسيا 3.11% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي فقط.

كما تعد الصين مركزاً صناعياً عالمياً وأكبر سوق تصدير لمعظم دول العالم، بما في ذلك الولايات المتحدة وأوروبا، ناهيك عن أن الصين حالياً هي أكبر دائن منفرد في العالم مع امتلاكها قروضاً مُستحقة على دول أخرى بقيمة 5 تريليونات دولار أو أكثر من 6% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي.

وفي هذا السياق، من المُحتمل ألا يخشى قادة الصين من العقوبات الاقتصادية، لإدراكهم أنها لن تؤثر على اقتصادهم من دون أن يتم إلحاق الأضرار بالتجارة العالمية وسلاسل التوريد والمؤسسات المالية الدولية. 

ثانيًا: الصناعات الإلكترونية والتكنولوجيا العالمية ستصاب بالشلل حرفيًا

تعد تايوان، عبر شركة تصنيع أشباه الموصلات التايوانية (Taiwan Semiconductor Manufacturing Company)، المورد الرئيسي للرقائق الإلكترونية الدقيقة في العالم، حيث تشارك بحصة تصل إلى 90% من إجمالي الطلب العالمي من الرقائق الإلكترونية.

وكما هو معلوم، تعتبر أشباه الموصلات والرقائق الالكترونية مُكوناً رئيسياً لجميع الصناعات الإلكترونية تقريباً، بدءاً من الهواتف وأجهزة الكمبيوتر والساعات، إلى وحدات التحكم في الألعاب والمُعدات الصناعية، وصولاً إلى السيارات والطائرات المدنية والعسكرية وغيرها.

وبشكل خاص، تتفوق تايوان في إنتاج الرقائق التي تقل عن 10 نانومترات، مما يجعلها المورد الرئيسي للغالبية العظمى من تلك النوعية اللازمة لتشغيل الأجهزة الإلكترونية الأكثر تقدماً في العالم، من تليفونات "آي فون" التي تصنعها شركة "آبل" الأمريكية، إلى الطائرات المُقاتلة من طراز "إف-35". ومن ثم، فإن أي نقص في أشباه الموصلات والرقائق الإلكترونية سيؤثر على صناعات عديدة في العالم.

وبالتالي، فإن حدوث أي اضطراب في تايوان سيؤدي إلى شلل شبه تام في الصناعات الإلكترونية في العالم، علماً بأن الصين لا تُنتج سوى 5% فقط من الإنتاج العالمي للرقائق، ولا تنتج الرقائق المُتقدمة التي تتفوق فيها تايوان.

ووفقاً لدراسة أجرتها "مجموعة بوسطن الاستشارية"، فإن انقطاع إمدادات الرقائق التايوانية لمدة عام واحد سيُكلف شركات التكنولوجيا العالمية ما يقرب من 600 مليار دولار.

قد ترغب في قراءة: قصة تايوان وأهميتها الخطيرة للصين والعالم... الدولة القادرة على إنهاء عصر التكنولوجيا

ثالثًا: ارتفاع جنوني في أسعار مختلف السلع والمنتجات

يُتوقع أن يؤثر سيناريو الحرب بين الصين وتايوان على معدلات التجارة العالمية، والآسيوية على وجه خاص، وذلك في ضوء الاعتمادية العالية في العالم على الصين في تلبية احتياجات الأسواق من السلع الزراعية والصناعية. وقد يواجه العالم نقصاً سلعياً شديداً، خاصةً في المُنتجات الغذائية والطبية في حالة التصعيد العسكري بين البلدين. 

وفي هذا السياق، سينجم عن سيناريو التصعيد العسكري اضطراب في خطوط الشحن البحري في بحر الصين الجنوبي والذي تمر عبره شحنات تجارية تُقدر بقيمة 5.3 تريليون دولار أمريكي سنوياً، كما يمر عبره أكثر من 60% من التجارة البحرية العالمية، وأكثر من 22% من إجمالي التجارة العالمية، و40% من المُنتجات البترولية العالمية.

وبالتالي، فإن أي صراع عسكري بين الصين وتايوان سيترتب عليه ارتفاع جنوني في أسعار المُنتجات النفطية وغير النفطية.

رابعًا: دول معينة ستصاب بخسائر اقتصادية مدمرة

تعد اليابان من أكثر الدول المُتضررة اقتصادياً في حال نشوب حرب بين الصين وتايوان، حيث تمر 40% من التجارة البحرية لليابان عبر بحر الصين الجنوبي، مما قد يُعيق حركة التجارة اليابانية.

كما أنه في حالة مساندة اليابان لتايوان، فإن الصين - الشريك التجاري الرئيسي لليابان- ستقوم بفرض قيود للحد من تجارتها مع اليابان، وهو ما سيُقوض استقرار الاقتصاد الياباني. 

وقد يُعاني الاقتصاد الأسترالي كذلك من تراجع صادرته إلى الصين، لاسيما في مجالي الزراعة والتعدين. ومن المُتوقع أن تشهد قطاعات تجارة التجزئة والبناء والصناعات التحويلية في أستراليا، تراجعاً شديداً مع اضطراب خطوط الشحن البحري والجوي.

ومع فرض قيود على التجارة مع الصين، من المُنتظر أيضاً أن يواجه قطاع الكيماويات والأدوية في الهند تحديات جسيمة؛ بسبب التبعية الحالية للصين في هذين القطاعين تحديداً.  

وسيهتز الاقتصاد الصيني بسبب توقف إمدادات تايوان من الرقائق الإلكترونية، حيث تشير الإحصاءات إلى أن بكين تستورد 40% من احتياجاتها من الرقائق من تايوان. وبالرغم من أن بعض المحللين يرون أن الصين إذا نفذت عملية اجتياح بري لتايوان ستتمكن من السيطرة على مصانع الرقائق، فإن هذا السيناريو مردود عليه، حيث من المُتوقع أن تقوم تايوان بتدمير منشآت تصنيع الرقائق مع بدء أي عملية عسكرية صينية، كنوع من الدفاع عن النفس.