رفع سعر البنزين 130% في سوريا... المبرر المزعوم كبح السوق السوداء والواقع أهداف أخرى

أصدرت "وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك" قراراً رفعت بموجبه سعر ليتر البنزين الممتاز أوكتان 90 المدعوم المستلم على البطاقة الإلكترونية إلى 2500 ليرة سورية، أي بنسبة بلغت حوالي 130%.

وذكرت الوزارة في قرارها المنشور يوم السبت 6 آب الحالي عبر صفحتها في "فيسبوك" إنه تم تحديد سعر الليتر أوكتان 90 بسعر التكلفة 4000 ليرة سورية، وسعر ليتر أوكتان 95 بـ 4500 ليرة سورية للتر الواحد. وبينت أن قرارها جاء بهدف التقليل من الخسائر الهائلة في موازنة النفط وضماناً لعدم انقطاع المادة أو قلة توافرها.

وكان آخر قرار لـ "وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك" برفع سعر البنزين في 11 كانون الأول الماضي، حيث رفعت حينها سعر ليتر البنزين (أوكتان 90) المدعوم بنحو 50%، من 750 إلى 1100 ليرة سورية.

بينما تم في 17 أيار 2022 رفع سعر البنزين غير المدعوم (أوكتان 90) إلى 3500 ليرة، لليتر الواحد، ارتفاعا من 2500 ليرة، كما تم تحديد سعر البنزين (أوكتان 95) بـ 4000 ليرة، ارتفاعا من 3500 ليرة.

كذلك حددت الوزارة حينها، سعر ليتر المازوت الصناعي والتجاري بـ 2500 ليرة لليتر الواحد، ارتفاعا من 1700 ليرة.

وكانت أولى نتائج هذا القرار، وفقا لمواقع التواصل الاجتماعي، هي ارتفاع أجور توصيلة تكاسي الأجرة، التي باتت تبدأ من 5000 ليرة لمسافة قصيرة جداً، معللين الأسعار الجديدة بأنهم يشترون البنزين بالسعر الجديد، وبات الضغط أكبر على السرافيس التي ازدحمت أكثر من قبل.

قرار صادم لكل شرائح المجتمع السوري:

قال عضو مجلس الشعب السوري "زهير تيناوي" في تصريح لصحيفة محلية، إن قرار رفع سعر البنزين كان مفاجئاً لكل شرائح المجتمع السوري، وكانت نسبة الزيادة وخصوصاً للمدعوم غير متوقعة.

وأضاف أنه لا شك أن هناك كلفاً كبيرة طالت المشتقات النفطية بدءاً من استيرادها وشحنها وتفريغها وحتى تكريرها وتوزيعها، لكن لم يكن متوقعاً أن تصل هذه الكلف لحدود 130 بالمئة بالنسبة للبنزين المدعوم.

وتابع في الشرح: "لا أعتقد أن الكلف وصلت إلى الرقم الذي تم تحديده بقرار وزارة التجارة الداخلية، إذ إن الوزارة حددت سعر ليتر البنزين الحر بسعر 4 آلاف ليرة ووفقًا للحكومة أن كلفة الليتر الحقيقية هو 4 آلاف ليرة... لكن وفق اعتقادي أن كلفة ليتر البنزين اليوم تقارب 2500 ليرة ليس أكثر."

وأكد أن سوريا أمام وضع اقتصادي صعب لكن طريقة المعالجة لهذا الوضع الصعب من خلال رفع سعر البنزين لم تكن صحيحة. معتبرًا أن هناك طرق أنجح للمعالجة مثل ترشيد استهلاك مادة البنزين بدلاً من رفع سعرها إذ إن ترشيد الاستهلاك للقطاع العام بكل مفاصله سيحقق وفراً بشكل أكبر لخزينة الدولة مما ستحققه الحكومة بهذه القفزة لسعر البنزين غير المتوقعة.

وأشار إلى أن توقيت رفع السعر اليوم لم يكن بمكانه المناسب وحتى في أي توقيت آخر في ظل ما يعانيه المواطن من غلاء الأسعار الفاحش والكبير والمستمر.

ما الهدف الحقيقي وراء هذه الخطوة؟

في حيثيات القرارين قالت الوزارة إنهما يأتيان "بسبب الارتفاع الكبير في أسعار المشتقات النفطية عالميا، ومنعا من استغلال السوق السوداء نتيجة الفرق الكبير بأسعار المشتقات النفطية".

وقرأ المحلل الاقتصادي "بسام دحدل"، قرار وزارة التجارة الداخلية الجديد بأن الهدف هو إلغاء الفجوة بين السعر المدعوم وغير المدعوم، أي بمعنى أوضح إلغاء كلي للدعم!

وأكد "دحدل"، في حديثه لـ "تلفزيون سوريا" أن الحكومة ستلجأ إلى "نظام جباية صرف" يهدف لامتصاص كل الكتلة النقدية التي تصل إلى المواطنين عبر الحوالات المالية من الخارج.

واعتبر أن تصريح وزير التجارة الداخلية لإحدى الإذاعات المحلية (شام إف إم) صباح الأحد، بأن رفع الأسعار جاء تماشيا مع ارتفاع سعر النفط العالمي لا يمت للواقع بصلة وغير صحيح لأن قرار الرفع تزامن مع تراجع أسعار النفط العالمية لأول مرة إلى أقل مستويات ما قبل حرب أوكرانيا.

وأكد "دحدل" أن قرارات رفع أسعار المحروقات ستظهر نتائجها بشكل مباشر على حياة الناس اليومية لا سيما في المواصلات العامة والشلل الذي سيصيب هذا القطاع نتيجة إحجام أصحاب المركبات عن العمل دون تعديل أجور النقل.

وختم "دحدل" كلامه بأن الحكومة ما تزال ترى بأن السوريين عموما ودمشق تحديدا يعيشون حالة من الثراء، حيث نشرت صحيفة محلية في حزيران الماضي تصريحات منسوبة لخبير اقتصادي مقرب من الحكومة قالت إنه اعتبر أن "غالبية سكان دمشق يعيشون برفاهية".